ضغط الأقران – Peer pressure

شبَّ صغيري وصار مراهقًا؛ فعمره الآن أربعة عشر ربيعًا.
اعتاد ولدي على التفوق، والتميز الرياضي، وكان محبوبًا بين معلميه، كان بارًا بي وبوالده، وعطوفًا على أخته الصغرى.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن!
تغيرت طباعه كثيرًا؛ فأصبح مدخنًا، وتغير نمط ملابسه، وحلاقته لشعره، لا أعرف ماذا حدث لصغيري؟!
سنتعرف في السطور القادمة على ضغط الأقران، وأنواعه، كما سنتحدث عن كيفية مساعدة أبنائنا لمواجهة ضغط الرفاق؛ فتابع معنا هذا المقال.
ما هو ضغط الأقران – Peer pressure؟
يُطلق عليه أيضًا “ضغط الرفاق” أو “ضغط النظائر” أو ضغط المجتمع المحيط”.
الأقران هم مجموعة الأصدقاء الذين تتعامل معهم في محيط حياتك الاجتماعية أو الدراسية أو العملية.
ضغط الأقران هو الضغط الذي تمارسه مجموعة من الرفاق على واحدٍ منهم ليغير سلوكه و/ أو أخلاقه؛ ليتوافق مع طباعها.
يظهر ضغط الأقران جليًا في مرحلة المراهقة، ولكن قد يتعرض العديد منا لضغط من رفاقه في مراحل حياتنا المختلفة.
قد نجد مراهقًا يتصرف بطريقة مغايرة لطباعه، لمجرد أن أصدقاءه يفعلون ذلك؛ إذ يؤثر ضغط الرفاق في سلوك المراهق وأفكاره وآرائه، بل ومشاعره في بعض الأحيان.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
يتخذ الضغط الذي يمارسه الأصدقاء على بعضهم عدة أشكال مثل: التشجيع أو التهديد أو التحدي أو الإهانة.
اقرأ أيضًا: ظاهرة التنمر.. الشر صنعة!
عادة ما يطلق “ضغط الأقران” للإشارة إلى السلوك غير المقبول أو غير المرغوب مثل: تدخين السجائر، بينما لا يستخدم لوصف التأثير الإيجابي مثل: ممارسة الرياضة.
أنواع ضغط الأقران
هناك ستة أنواع من ضغط الأقران – Peer pressure، وهي:
- ضغط الأقران الصريح
عندما يطلب المراهق من صديقه بشكل مباشر أو يقترح عليه أو يوجهه إلى الانخراط في سلوك معين.
عادة ما يكون تأثير المجموعة أقوى على صديقهم، بينما يمكن للمراهق مقاومة هذا الضغط إن كان فرديًا.
- ضغط الأقران غير الصريح
وهنا يراقب المراهق أفعال أقرانه وتصرفاتهم، ويُترك له حرية الاختيار في الانخراط في تلك التصرفات أو لا.
من أمثلة ذلك: اختيار الملابس، أو طريقة التحدث، أو طريقة التفاعل مع الآخرين، أو الانضمام لمجموعات أو فرق معينة.
قد يشكل هذا النوع من ضغط الأقران خطرًا على المراهق الذي يفتقر النضج العقلي لاتخاذ خيارات حكيمة.
ولذا يقع العديد من المراهقين تحت ضغط الرفاق الأكبر سنًا أو الأكثر شعبية.
- ضغط الأقران المباشر
قد يكون هذا النوع من ضغط النظائر صريحًا أو غير صريح.

عادة ما يكون هذا النوع من تأثير الأقران متمحورًا حول السلوك نفسه مثل: أن يعطي مراهق مشروبًا كحوليًا أو سيجارة لصديقه، أو أن يقدم لصديقه نصيحة خبيثة.
هنا يكون الصديق في وضع يُضطر فيه لاتخاذ قرار على الفور.
- ضغط الأقران غير المباشر
يعد هذا النوع من تأثير الأقران خفيًا، ولكنه ذو تأثير قوي على المراهق سهل الانقياد.
عندما يستمع المراهق لصديقه وهو يثرثر عن تدخينه للسجائر أو تعاطي المخدرات؛ فإن الضغط غير المباشر قد يدفعه للتجربة.
- ضغط الأقران السلبي
هو التأثير السلبي الذي يحدث عندما يتعرض المراهق الصغير لضغط من رفاقه للانخراط في سلوك يتعارض مع أخلاقه وقيمه الأسرية التي تربى عليها.
يرغب المراهق دائمًا أن يكون مقبولًا بين رفاقه؛ وهذا ما يعرضه للانصياع لتأثير الرفاق.
- ضغط الأقران الإيجابي
قد يكون لمجموعة الرفاق تأثير إيجابي في بعضهم بعضًا، إن كانت اختياراتهم صحية ومناسبة لعمرهم ومقبولة اجتماعيًا.

من أمثلة ذلك:
- تدرس مجموعة من الأصدقاء بشكل جيد للحصول على درجات تؤهلهم للالتحاق بجامعة مناسبة؛ فهذا من شأنه أن يحدث تأثيرًا إيجابيًا فيما بينهم.
- تعهد أعضاء فريق كرة القدم تناول الطعام الصحي، وأداء التمارين الرياضية للمحافظة على لياقتهم، والحصول على مركز متقدم في المسابقة.
متى يجب القلق بشأن ضغط الأقران؟
إذا لاحظت تغيرًا في سلوك ابنك أو مزاجه أو نومه، وتظن أنه بسبب تأثير أقرانه فيه؛ فقد حان وقت التحدث معه.
علامات تنذر بأن ابنك يواجه ضغط المجتمع المحيط:
- تغيرات المزاج أو البكاء أو الشعور باليأس والإحباط.
- سلوك عنيف أو عدواني.
- تغيرات مفاجئة في السلوك.
- صعوبة في النوم، أو النوم الكثير.
- فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام.
- عدم الرغبة في الذهاب للمدرسة.
- الانسحاب من الأنشطة التي كان يحبها.
لا تنس أنه من الطبيعي أن يتعرض ابنك للعديد من التغيرات المزاجية والسلوكية خلال مرحلة المراهقة، ولكن إذا شعرت بالقلق؛ فلا تتردد في إجراء حوار معه.
اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع المراهق | ماذا حلَّ بطفلي المطيع؟
كيف تساعد ابنك ليواجه ضغط الرفاق؟
علِّم ابنك أن يحقق التوازن بين أن يكون نفسه وأن يتوافق مع رفاقه، وإليك بعض الخطوات التي قد تساعدك في ذلك:
- احترام الذات والثقة بالنفس
يستطيع المراهق الذي يقدر ذاته ويثق بنفسه أن يقاوم ضغط الأقران، وألا يتأثر بهم.
علِّم ابنك كيف يتصرف بثقة كخطوة أولى نحو الثقة بالنفس، وشجعه على الانخراط في أنشطة جديدة؛ كي تمنحه فرصًا للنجاح.
امدح ابنك على محاولاته الجادة والمتواصلة حتى لو لم يصل للنتيجة المرجوة؛ فهذا من شأنه أن يُشعره بتقديره لذاته.
- ابقَ على اتصال بابنك
حاول أن تفهم نوع ضغط المجتمع المحيط الذي يواجهه ابنك، وحافظ على علاقتك به، واكسب ثقته.
وأقم معه حوارًا مفتوحًا خاليًا من الأحكام؛ ليكون مرتاحًا للتحدث معك بحرية عن المشاكل التي تواجهه.
- علِّم ابنك أن يقول “لا”

قد يشعر المراهق بالإحراج لرفض اقتراحات رفاقه، علِّمه أن يقول “لا”، واقترح عليه بعض الأعذار التي يستخدمها ليكون أكثر ارتياحًا.
- كن مثالًا يُحتذى به لطفلك
كن أنت القدوة لطفلك، وكن المثال الذي يحتذى به، وعلِّمه كيف يكون التصرف المسؤول؛ فأنت خير معلِّم لطفلك.
- امنح ابنك مخرجًا
إذا شعر ابنك أنه في وضع غير مريح أو محفوف بالمخاطر؛ فاجعل له مخرجًا من هذا الموقف.
اتفق معه أن يرسل لك رسالة نصية أو يتصل بك لتساعده.
أو يمكنكما حتى الاتفاق على رسالة مشفرة لتلك الأوقات التي لا يريد فيها ولدك الشعور بالإحراج أمام أصدقائه؛ لتعلم أنه يحتاج إلى مساعدتك.
عندما يتصل بك ابنك، ركِّز على سلوكه الإيجابي باختيار مساعدتك، ولا تركِّز على الموقف السلبي الذي وضعه فيه رفاقه.
إذا تأكد صغيرك أنه لن يتعرض للتوبيخ والنقد؛ فاعلم أنه لن يتردد في طلب مساعدتك في أي وقت.
- شجِّع طفلك على تكوين الصداقات
ساعد طفلك على الانخراط في العديد من مجموعات الصداقة مثل: الدراسة والنادي والعائلة وغيرها.
اجعل لديه الكثير من الخيارات؛ فإذا ساء أحدها، وجد الدعم من الآخر.
- علِّم ابنك أن يستمع لغرائزه
أعطه الثقة أنه يمكنه ترك أصدقائه إذا لم يشعر بالراحة بينهم، وأنه لا مانع من قضاء وقت أقل مع رفاقه إن مارسوا الضغط عليه.
إن كنت ترى أن صداقات طفلك لها تأثير سلبي فيه؛ فلا تنتقد أصدقاءه، وتحدث عن السلوك الذي لا تحبه وليس الأشخاص.
وساعد ابنك على إدراك هذا التأثير السلبي فيه بلطف دون الحكم عليه، وإذا لم تفلح محاولاتك لمساعدة ابنك؛ فلا تتردد في طلب مساعدة المعالج النفسي.
لا تنس أن تختار معاركك بعناية؛ فليس من الضروري أن توافقه دائمًا في اختيار ملابسه، ولا أن توافق على قراراته في تزيين غرفته؛ اجعل له مساحة من الحرية.
فأنت كوالد؛ سيظل لك البصمة الكبرى في حياة ابنك، فقط حافظ على إقامة علاقة صحية بينكما قوامها الثقة والدعم.
والآن بعد قراءتك لهذا المقال، هل سبق وتعرضت لضغط الأقران أم لا؟