علاج التوتر والقلق النفسي | طوق نجاة في بحر الحياة!

الحركة هي روح الحياة: أصوات السيارات، حركة الطيور، أناس مسرعون لأعمالهم، جزيئات الهواء تتحرك وتداعب وجهك في يوم ربيعي مشمس.
العالم في حركة مستمرة، من أكبر أجزائه لأصغر جزيئاته.
حتى أنت تشعر بهذه الحركة بداخلك أحياناً، دقات قلبك، امتلاء رئتيك بالهواء، وصوت حركة معدتك عند التوتر، وتدافع الدم في عروقك. تسارع أنفاسك، وزحام الأفكار السوداوية في رأسك عندما تمر بلحظة قلق. والأصعب، أن تفقد السيطرة على الأمر. تُرى ما الذي يجعل التوتر والقلق النفسي بهذه الصعوبة؟
المعاناة من القلق والتوتر
يُعد شعور القلق والتوتر في حد ذاته من المشاعر الطبيعية بل والصحية أحياناً للإنسان.
فقد يدفعك للاجتهاد وتحسين أدائك في العمل أو عند الاستعداد للامتحان، لكن أن يزداد معدل قلقك بدرجة تؤثر على شكل حياتك، كأن يلازمك القلق معظم الوقت لمدة شهور، فحينها قد تُصنَّف بأحد اضطرابات القلق النفسي.
فإن كنت مصاباً بأحد هذه الاضطرابات، فغالباً ستحتاج للتحدث مع طبيبك في خطة علاجك المناسبة تبعاً لنوع اضطراب القلق المصاحب لك وأسبابه.
للمزيد: ديستوفسكي | الروائي الذي سبر أغوار النفس البشرية!
وكأغلب الاضطرابات النفسية، يتم علاج التوتر والقلق النفسي من خلال عدة جوانب وهي:
- العلاج النفسي.
- العلاج بالأدوية.
- العلاج ببعض الطرق الطبيعية.
في هذا المقال نتحدث عن أسباب وطرق علاج التوتر والقلق النفسي بشيء من التفصيل، لذا تابع معنا القراءة.
قد يهمك: الشخصية السيكوباتية | ما خفي كان أعظم!
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ما هي أسباب التوتر والقلق؟
تختلف أسباب التوتر من شخصٍ لآخر، ويمكن أن تنقسم إلى:
أسباب خارجية، مثل:
وجود مشاكل في حيز العمل
قد يشعر الفرد ببعض التوتر والقلق بسبب مشاكل العمل، سواءً مشاكل مع الزملاء أو مع المدير أو بشأن الأداء والإنتاجية.
تؤدي هذه المشاكل إلى إحساس الفرد بالتوتر العصبي طيلة الوقت، والذي يؤثر بدوره أيضًا على باقي الأفراد المحيطين به.
العمل لساعاتٍ طويلة
إن زيادة عدد ساعات العمل عن المعدل الطبيعي وزيادة المهام والمسؤوليات يتسببان في شعور الشخص بضغطٍ مستمر.
التغيرات الحياتية
يمكن أن تسبب بعض التغيرات الحياتية التوتر العصبي، مثل:
- تغيير مكان المعيشة من مكانٍ لآخر.
- الانتقال من وظيفة لأخرى في وقت قصير.
- مجيء طفلٍ جديد إلى الأسرة، فعلى الرغم من أن الأمر جميل إلا أنه يشوب المنزل بعض التوتر حتى تعتاد العائلة وجود الطفل ومسؤولياته.
الأزمات المادية
تعد المشاكل المادية واحدة من أكبر أسباب التوتر العصبي، يرجع هذا لأن المال هو عصب الحياة وبه يتمكن المرء من قضاء احتياجاته.
تختلف الأزمات المادية بين الديون والقروض وقلة الرواتب وغيرها.
أعباء المنزل
تسبب أعباء المنزل ومسؤولياته -خاصةً بالنسبة للنساء- قلق وتوتر كبير، ذلك لأن الأعمال المنزلية لا تنتهي.
هذا بالإضافة إلى زيادة حجم الأعباء كلما زاد عدد أفراد الأسرة، مما يشكل أزمة بالنسبة للوالدين إذا لم يُدار المنزل بشكلٍ سليم.
أسباب داخلية، مثل:
الشعور بالاكتئاب والإحباط
يفقد المرء شغفه للحياة والعمل عندما يشعر بالاكتئاب وفقدان الهدف، مما ينتج عنهما الشعور بالتوتر والقلق.
فقدان المرونة
لا يمتلك بعض الأشخاص مهارة المرونة في الحياة، ويرفضون أي تغيير في خطتهم الخاصة.
ذلك الذي يدفع بهم إلى بحر التوتر والقلق الدائمين، لأن المركب لا تسير باستمرار في الطريق الذي نريد.
جلد الذات
يعاني بعض الأشخاص تأنيب الضمير الدائم لأنفسهم، فيلقون عليها بوابلٍ من التأنيب والجلد كلما أخطأوا في أحد الأمور.
ارتفاع سقف التوقعات
كلٌ منا يريد الأفضل لذاته، لكن عندما يرفع الفرد سقف توقعاته ثم لا يحدث ما يتوقع سيصاب بخيبة أملٍ كبيرة، وتوتر مستمر بسبب عدم حدوث المتوقع.
إليك الآن قائمة بأكثر أسباب التوتر والقلق النفسي شيوعًا:
- فقدان أحد أفراد العائلة.
- الطلاق.
- فقدان الزوج أو الزوجة.
- التقاعد من العمل.
- فقدان الوظيفة.
- الإصابة بمرضٍ خطير.
- الزواج.
- التحدث أمام العامة.
العوامل المؤثرة على التوتر والقلق النفسي
يمكن أن يتمكن التوتر من المرء فيفقد توازن حياته معه، ويمكن أيضًا أن يملك زمام أموره ويسيطر على توتره.
إليك العوامل المؤثرة على نسبة التوتر والقلق لدى الأفراد:
العلاقات الاجتماعية
كلما امتلك المرء شبكة علاقات قوية تدعمه وقت الأزمات والتوتر، كلما قلَّ معدل القلق لديه.
الثقة بالنفس
كلما امتلك الفرد ثقة داخلية بأنه قادر على تخطي الأزمات والعقبات التي تواجهه في الحياة، كلما كان معدل توتره أقل.
المرونة
يستطيع الأشخاص الذين يتمتعون بمهارة المرونة أن يتخطوا ويتحكموا في التوتر الناتج عن المشاكل الحياتية أكثر من أقرانهم الذين يفتقدون هذه المهارة.
التحكم في المشاعر
إن الأشخاص القادرين على التحكم في مشاعرهم وتهدئة أعصابهم عند حدوث المشاكل، أكثر قدرة على السيطرة على التوتر.
أعراض التوتر والقلق
يؤثر القلق والتوتر العصبي على الأفراد مسببًا بعض الأعراض، منها:
أعراض نفسية
- فقدان القدرة على التركيز.
- النظر إلى الجانب السلبي فقط من الأمور.
- توارد الأفكار القلقة بشكل دائم.
- الشعور بالإحباط.
- التقلبات المزاجية وسرعة الغضب.
- الإحساس بالوحدة.
أعراض جسدية
- الصداع.
- الإسهال أو الإمساك.
- الغثيان.
- الدوار.
- تغير عادات الأكل والنوم.
مضاعفات القلق والتوتر العصبي
يصاحب التوتر بعض المضاعفات، منها:
- أمراض القلب، مثل: ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب، هذا بالإضافة إلى زيادة نسبة كوليسترول الدم والدهون الثلاثية.
- أمراض الجهاز التنفسي، مثل: الربو.
- السمنة.
- مرض السكري.
- الصداع.
- الاكتئاب.
- مشاكل الجهاز الهضمي، مثل: متلازمة القولون العصبي.
طرق طبيعية لعلاج التوتر والقلق
إذا كنت تعاني من أحد اضطرابات القلق النفسي فغالباً ما ستلجأ لمعالجة الأمر أو التخفيف من أعراضه بطرق طبيعية قبل الذهاب للطبيب، لكن إذا كانت حدة أعراضه تزداد أو لا تستطيع السيطرة عليها، فلا تتردد في طلب المساعدة الطبية.
إليك 7 طرق طبيعية لعلاج التوتر والقلق:
1- اجعل الرياضة جزءاً من يومك

فممارسة الرياضة بانتظام تخفف من التوتر والقلق بدرجة كبيرة.
قد تكون ممن يستطيعون التخلص من القلق عن طريق الحركة، لذا حافظ على نشاطك البدني واختر رياضة تستطيع الانتظام عليها، واحرص على ممارستها لمدة 30 دقيقة من 3-5 أيام أسبوعياً.
2- احصل على قسط كاف من النوم يومياً
إن كنت لا تستطيع النوم لثماني ساعات يومياً، فعلى الأقل حاول تحسين النوم.
اتبع روتين نوم مناسب واحرص على تطبيقه يومياً. وإذا كنت تجد صعوبة في النوم بسبب توترك، فجرب الخطوات التالية:
- أغلق الشاشات قبل الذهاب للنوم بوقت كاف.
- لا تستخدم الشاشات وأنت في السرير.
- إذا واجهك الأرق فلا تتقلب في السرير لعدة ساعات، اخرج من الغرفة وافعل شيئاً آخر حتى تشعر بالنوم.
- اكتب مخاوفك وأسباب قلقك قبل الذهاب للنوم لتفرغها من رأسك.
- لا تتناول المنبهات أو الوجبات الدسمة قبل النوم بعدة ساعات.
اجعل آخر وجبة قبل ميعاد نومك بوقت كاف، وتابع المشروبات التي تزيد من انتباهك لتتجنبها قبل النوم بعدة ساعات. - اجعل غرفة نومك مظلمة وباردة لتساعدك على الاستغراق في النوم بشكل أسرع.
- ولا تنسَ أن تذهب للنوم في نفس الميعاد يومياً.
3- حاول السيطرة على مسببات القلق والتوتر لديك
فأحياناً يكون علاج التوتر والقلق بأن تخفف من دوافعه وأسبابه.
مواعيد تسليمات العمل أو الفروض المدرسية قد تضغط عليك كثيراً، لذا استخدم قائمة المهام، ورتِّب مواعيدك وفروضك قبل أن تصل لهذه الحالة.
اقرأ أيضًا: توأم الروح | بين الخيال والواقع
4- تمارين الاسترخاء
إذ يمكن لتمارين التأمل أن تساعد في علاج التوتر والقلق.
جرب التأمل واليقظة الذهنية، وهو أن تركز على عملية تنفسك من شهيق وزفير لعدة ثوانِ دون أن يقطع تركيزك أي فكرة أو صورة أخرى.
يهدف هذا التمرين إلى إعطاء عقلك فرصة للتوقف عن التفكير للحظات، مما يعطيك الفرصة لتهدأ قليلاً وتتحكم في مخاوفك وأسباب توترك، أو تواجه الموقف بصورة أفضل.
5- حدد وقتاً معيناً للقلق
نعم، فمن الصعب مواجهة التوتر والقلق معظم الوقت، لذا قم بتحديد ساعة معينة أو نصف ساعة، أجّل أي مخاوف وأسباب للتوتر تراودك في أي وقت من اليوم، وأخبر نفسك أنك ستؤجل التفكير فيها لساعة القلق المحددة. وستتفاجأ أحياناً بأنك نسيت أسباب قلقك هذه بمضي الوقت.
6- توقف عن التدخين
فإذا كنت تواجه توترك بالتدخين، فيخيل لك أنه يساعدك على التقليل من التوتر والسيطرة على الأمر.
في حقيقة الأمر إن التدخين يزيد من معدلات توترك في الأساس.
بل أظهرت الأبحاث أنه إذا بدأت رحلة التدخين في سن مبكر، فهذا يزيد من فرصة إصابتك بأحد اضطرابات القلق في حياتك.
7- جرِّب الأعشاب والروائح الطبيعية

يمكن للزيوت العطرية وبعض الأعشاب أن تساهم في تحسين صحتك العامة وحالتك النفسية.
لذا، فإنه من الممكن علاج التوتر والقلق بالأعشاب باستخدامها في حمام دافئ، أو استنشاقها مباشرة، أو بطرق أخرى، فتساهم في:
- تحسين حالتك المزاجية.
- تساعدك على الاسترخاء.
- تساعدك على النوم بشكل أفضل.
ومن أشهر المواد الطبيعية التي تستخدم لعلاج التوتر والقلق بالأعشاب:
- اللافندر.
- زيت المريمية.
- البرجاموت.
- اليلانج يلانج.
وتتضمن هذه الطرق تحسين نمط حياتك واتباع عادات صحية لتخفيف حدة التوتر وتقليل فرص تعرضك له. لكن يصعب السيطرة على اضطراب القلق بهذه الطرق في كثير من الأحيان، فتحتاج للتدخل الطبي إما بجلسات العلاج النفسي، أو باستخدام الأدوية.
للمزيد: الميلاتونين .. هرمون الظلام
علاج التوتر والقلق بالأدوية

قد يصف لك طبيبك بعض الأدوية لعلاج التوتر والقلق والوسواس القهري على سبيل المثال، وذلك تبعاً لنوع الاضطراب الذي تعانيه، من هذه الأدوية:
- الأدوية ثلاثية الحلقات: ويمكن استخدامها في علاج أغلب أنواع اضطرابات القلق باستثناء اضطراب الوسواس القهري.
- مضادات الاكتئاب؛ فبالرغم من استخدامها لعلاج الاكتئاب، إلا أن بعض مضادات الاكتئاب يمكن أن تستخدم لعلاج التوتر والقلق النفسي، مثل مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية، والتي لها آثار جانبية أقل من بعض أنواع مضادات الاكتئاب الأخرى.
- البنزوديازيبينات: من الصعب وضعها كأول اختيار في خطة علاج التوتر والقلق النفسي.
وذلك لما لها من آثار جانبية شديدة إذ أنها أحد مسببات الإدمان.
لذلك فهي من الأدوية التي لا تُصرف إلا بروشتة الطبيب.
- بالإضافة لبعض الأدوية الأخرى التي تقلل من القلق النفسي والتوتر مثل حاصرات بيتا، ومثبطات أُكسيداز أُحادي الأمين وغيرها.
وجميع هذه الأدوية لا تستخدم إلا بأمر من الطبيب وبالجرعة التي يحددها. فالطبيب هو أعلم الناس بمدى احتياجك للدواء وبآثاره الجانبية التي سيقوم بتوضيحها لك، وبالجرعة المناسبة لحالتك.
قد يهمك: ما يجب معرفته عن دواء ليريكا
كل ما يجب أن تعرفه عن طرق علاج وأدوية سرعة القذف
العلاج النفسي للقلق والتوتر
عادة ما يستعين طبيبك بإدخال الجلسات النفسية لخطة علاج التوتر والقلق والوسواس القهري وغيرها من بقية أنواع اضطرابات القلق الشديدة، فالعلاج السلوكي المعرفي يعمل على التعرف على أسباب قلقك وتفسيرها وما يثير مشاعر القلق لديك، والتفكير في خطط لمواجهتها بشكل أفضل، وهو من أهم الوسائل النفسية لعلاج التوتر والقلق والوسواس القهري. هذا بالإضافة لجلسات الاستماع النفسية.
هل يمكن علاج التوتر والقلق بالقرآن؟
قد يبحث البعض عن علاج التوتر والقلق بالقرآن الكريم، وما يمكنني التحدث عنه هنا هو الجانب النفسي للأمر.
فوجود رابط روحاني قوي لدى المرء، وقوة إيمانه، يجعله في حالة نفسية قوية ومستقرة، مما يؤثر بالطبع بشكل إيجابي على التوتر والقلق النفسي الذي قد يمر به، فيجعله أقوى وأهدأ بالاً في مواجهة الأمر.
اقرأ أيضًا: المازوخية – متعة الألم ولذة الخضوع | Masochism
فوائد الكاكاو للجنس | كيمياء الحب
لذا بالاستعانة بالعلاج النفسي والعلاج بالأدوية واتباع نمط حياة صحي، يمكن علاج التوتر والقلق النفسي وتحسين قدرتك على مواجهة مشاعرك بصورة أفضل.
لكن لا تتردد في طلب المساعدة الطبية متى ما وجدت الأمر خارجًا عن سيطرتك.
إذا كنت تفضل مشاهدة الفيديو: إليك كيف تتعامل مع التوتر – كتاب كاري كوبر