علاج الغضب السريع | لماذا أنا غاضب دائمًا؟

لدي صديق يُدعى (إبراهيم)، متزوج وأب لطفلين، وذات مرة وفي خلال حديثنا اشتكى لي من مشكلة يعانيها وهي أنه سريع الغضب….
فقال: أُعاني مشكلة كبيرة، تُؤرقني وتُثقل كاهلي! وهي أني سريع الغضب.
أعي جيدًا أن لدي أطفالًا وعلىّ أن أكون القدوة التي يفتخرون ويتعلمون منها، ولكن المشكلة أني لا أستطيع التحكم في انفعالي عند الغضب!
أجلس وأفكر أحيانًا: هل يمكن أن تكون ذكراي عند ولدي بأن يقول “كان أبي طيبًا وحنونًا حتى يغضب”، أخشى أن يكون مصير عائلتي التفكك!
كلا، لا يمكنني السماح بحدوث هذا، سأبحث عن طريقة لعلاج الغضب السريع لدي؛ لأتجنب هذا المصير الذي يفرضه علي الشعور بالغضب.
حاولت طمأنته، وأخبرته أن الغضب شعور طبيعي يساعدنا على الدفاع عن أنفسنا من المخاطر المختلفة، لكن يجب عليك الحذر! فإن لِلغضب وجهًا قبيحًا يمكنه أن يدمر صحتك وحياتك وعلاقاتك بالآخرين.
عزيزي القارئ، إن كنت تعاني أو أحد أقاربك ومعارفك الغضب السريع مثل (إبراهيم)، فهذا المقال لك.
سنتحدث اليوم عن الغضب السريع، وأسبابه، وطرق علاجه، وأيضًا عن بعض الطُرق والنصائح التي ستساعدك على التحكم في نوبات غضبك، فتابع معنا.
الغضب مشاعر طبيعية… لكنه قد يكون طريقك نحو الهاوية!
يُعد الشعور بالغضب استجابة غريزية وطبيعية للتهديدات التي يواجهها الإنسان.
فهو شعور إنساني طبيعي، مثل: الحزن والقلق والسعادة، لكنه يُصبح مشكلة إذا سيطر على الشخص وجعله يقول ويفعل أشياء يندم عليها فيما بعد.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
لكن، ما هي أسباب شعور الإنسان بالغضب؟
أسباب الغضب السريع
تعددت الأسباب المؤدية للغضب، وتتضمن ما يأتي:
- بعض المشكلات الشخصية في العمل، مثل: عدم حصولك على الترقية التي انتظرتها.
- المشكلات الأسرية.
- مرورك بحدث سيئ، مثل: حركة المرور السيئة أو وقوعك في حادث سير.
- التعرض لأزمات مالية.
- التعرض لمشكلات سببها شخص آخر، مثل: إلغاء خطَّة لرحلة كنت قد أعددت لها.
- وجود بعض الذكريات لحدث صادم أو مثير للغضب.
- التغيرات الهرمونية.
- الاضطرابات العقلية.
ويؤدي الشعور بالغضب إلى الكثير من الأضرار النفسية والجسدية، إذ يظهر أثره السلبي على الكثير من العمليات الحيوية بداخل الجسم، وهو ما يؤثر في الإنسان من جميع النواحي.
تأثيرات الشعور بالغضب في حياة الإنسان

يمكن أن يظهر تأثير الغضب السلبي في العديد من النواحي النفسية والجسدية والاجتماعية، على سبيل المثال:
- تأثير الغضب في النواحي النفسية
يمكن أن يُوثر الغضب وسرعة الانفعال في بعض النواحي النفسية، ويؤدي إلى:
- ضعف التركيز.
- الأرق المزمن.
- التوتر والاكتئاب.
- ضبابية الرؤية.
- الشعور بفقدان السيطرة على نوبات الغضب.
- فقدان القدرة على التفكير بإيجابية.
- الشعور المستمر بفقدان الصبر.
- التهور الشديد.
- العدائية الشديدة، التي تظهر حتى خلال التحدث مع الشخص.
- تأثير الغضب في النواحي الاجتماعية
يُمكن أن يؤدي فقدان السيطرة على نوبات غضبك إلى تدهور علاقاتك بالآخرين؛ فبعض الجروح التي يسببها الغضب لا يستطيع الوقت شفاءها.
وقد يجعل غضبك زملائك في العمل وأقاربك يتعاملون معك بحذر شديد خوفًا من ردة فعلك، أو يدفعهم إلى عدم التعامل بحرية في أثناء تواجدك في المكان، وقد يؤدي في النهاية إلي خسارتك وظيفتك.
- تأثير الغضب في النواحي الجسدية
يمكن أن يتسبب الغضب الشديد والمستمر في إفراز الجسم لبعض المواد الكيميائية عند تعرضه للضغط النفسي، تلك المواد التي تسهم في ظهور بعض المشكلات الصحية القصيرة والطويلة المدى، نذكر بعضها فيما يأتي:
- الصداع المُستمر.
- مشكلات في الهضم، مثل: آلام البطن.
- ارتفاع ضغط الدَّم.
- ظهور بعض المشكلات في الجلد، مثل: الأكزيما.
- النوبات القلبية.
- السكتات الدماغية.
هل يتوقف الشعور بالغضب على عُمر معين؟
لا، لا يتوقف الشعور بالغضب على عمر معين؛ لذا يجب عليك الإسراع بعلاج الغضب الشديد والحصول على بعض طرق تفريغ الغضب.
وها نحن هنا لنذكر لك طرقًا ونصائح لعلاج الغضب السريع.
علاج الغضب السريع

يتضمن إدارة الغضب مجموعة من المهارات، والتي تتلخص في ثلاث نِقَاط رئيسية، هي:
- تعرف إلى علامات غضبك المبكرة.
- امنح نفسك الوقت والمساحة لمعالجة المحفزات التي تسبب لك الغضب السريع.
- استخدم أساليب تساعدك على التحكم في الغضب.
أولًا: التعرف إلى علامات غضبك
يعد تحديد مسببات الغضب في مرحلة مبكرة والتعرف إلى علاماته من أهم العوامل للسيطرة على الغضب بشكل كبير.
ثانيًا: امنح الوقت لنفسك عند الغضب
لعلاج الغضب السريع، يجب أخذ خطوة للوراء في وقتها مباشرة؛ فالوقت عامل حاسم لتجنب أي آثار سلبية لغضبك.
ثالثًا: حاول استخدام أساليب لعلاج الغضب
وذلك يشتمل على بعض التمارين للتخلص من غضبك عند مواجهة محفز ما له، نذكر لك بعضها:
- حاول تخفيف التوتر الجسدي عن طريق شد جزء الجسم المتوتر، مع العد إلى 10.
- حاول التنفس بعمق، ركز على كل نفس تأخذه، وحاول قضاء وقت أطول في الزفير أكثر من الشهيق.
- ممارسة تمارين اليقظة والتأمل؛ إذ يمكن أن يساعد ذلك على إعادة توجيه عقلك بعيدًا عن الغضب، خاصة بعد الممارسة المستمرة.
- مارس بعض التمرينات الرياضية، مثل: المشي أو الجري أو الرياضات القتالية؛ فالنشاط البدني طريقة رائعة لاستهلاك الأدرينالين الزائد الذي يسبب نوبات الغضب.
- ابحث عن قنوات بديلة للغضب، مثل: تمزيق الجرائد، أو سحق مكعبات الثلج فوق الحوض، أو اللكم أو الصراخ في وسادة.
- حاول توجيه عقلك عن طريق بعض الطرق الإبداعية، فهذا يساعد على إلهاء عقلك، مثل: الرقص، أو الاستحمام، أو بناء الأشياء، أو الكتابة، أو الرسم.
- حاول التعبير عن الأفكار الكامنة وراء غضبك، فالغضب ليس رد فعل فقط.
- تدرب على استخدام كلمة تكررها لنفسك بصفة مستمرة عند الغضب، مثل: “استرخ”، أو “خذ الأمور بسهولة”، أو “ستكون على ما يرام”.
- حاول تدوين نوبات الغضب ومسبباتها في مذكرة سمِّها (مذكرة الغضب)، فهذا قد يساعد على التحكم في نوبات غضبك.
- ضع نفسك مكان الآخرين، فمحاولة استرجاع الموقف من وجهة نظر الشخص الذي أمامك، قد يُكسبك فهمًا جديدًا ومن ثَم تصبح أقل غضبًا.
علاج الغضب السريع بالأعشاب
قد تستخدم بعض الأعشاب التي تُساعد على التخلص من التوتر والاسترخاء؛ للحد من تقلبات المزاج التي قد تسبب نوبات الغضب، على سبيل المثال ما يأتي:
- البابونج: يعد البابونج من الأعشاب التي تساعد على تخفيف التوتر، فاحرص على تناول كوب من البابونج عند شعورك بالتوتر.
- الشاي الأخضر؛ لاحتوائه على الثيانين الذي يساعد على تحسين المِزَاج، وتنظيم ضربات القلب عند الشعور بالغضب أو التوتر.
- الزعفران، يستخدم الزعفران لعلاج نوبات الغضب وذلك لقدرته على تحسين المِزَاج وتقليل القلق والاكتئاب.
- الأشواغاندا، وهو عشب من الطب الهندي، وقد توصلت بعض الدراسات إلى أن الأشواغاندا تعزز مرونة الجسم في مواجهة نوبات الغضب والتوتر.
- بلسم الليمون، لما لديه من القدرة على التخفيف من القلق والتوتر الذي يعد سببًا رئيسيًا لنوبات الغضب.
- اللافندر؛ لاحتوائه على بعض المواد المهدئة لجهازك العصبي عند الغضب، ويمكن استخدامه عن طريق وضع قطرتين إلى أربع قطرات من زيت اللافندر واستنشاقه.
- اليانسون؛ إذ يحتوي على كثير من الفيتامينات التي تساعد على التقليل من التوتر والقلق الذي تسببه نوبات الغضب.
- الليمون؛ وذلك لدوره في منح الجسم الراحة والاسترخاء؛ لما يحتويه من المواد الحمضية التي تعمل على تهدئة الأعصاب والحد من نوبات الغضب.
وأخيرًا، إن فشلتْ كل الطرق السابقة في السيطرة على نوبات غضبك، فلا تتردد في طلب المساعدة من طبيب مختص.
علاج الغضب السريع عند الأطفال

يعد الغضب السريع عند الأطفال من المشكلات التي تؤرق الآباء والأمهات؛ وذلك لأن بعض الأطفال يجدون صعوبة في التعبير عن آرائهم بالكلمات؛ ما يدفعهم إلى استخدام الغضب كوسيلة للتعبير عن أنفسهم.
وإليك بعض النِّقَاط لمساعدتك على علاج الغضب السريع عند الأطفال:
- كن قدوة يحتذى بها لطفلك، وشجعه على التواصل الفعال معك ومع من حوله.
- تحدث معه حول سلوكه ومشاعره، ودعهم يعرفون أن الغضب أمر طبيعي ولكن يجب التعبير عنه بشكل مناسب.
- تعامل مع مشاعر طفلك باحترام، وشاركه اهتماماته وقدِّر إنجازاته.
- اشرح لطفلك الفارق بين العدوانية والغضب.
- علم طفلك طرقًا مختلفة لتهدئة نفسه عند الغضب، مثل: ترديد إحدى العبارات التي تساعده على الهدوء.
- احرص على إشراكه في رياضة معينة، كطريقة للتحكم في غضبه.
وإذا فشلت جميع الطرق السابقة لعلاج الغضب عند طفلك، فلا تتردد في استشارة الطبيب المختص.
وفي النهاية…
الغضب شعور سيئ قد يجعلك تفقد من تحب؛ فلا تستسلم له، وحاول الحصول على مساعدة إن لم تستطع مواجهته بنفسك.