علاج الفصام نهائيًّا | حقيقة أم سراب؟!

“كم أحب هذه النهايات السعيدة!”
هكذا صحت بعد انتهاء اللقطة الأخيرة من المسلسل…
تأثرت كثيرًا بقصة البطلة المصابة بالفصام، وتمنيت لو توصل البطل الطبيب إلى علاج مرض الفصام نهائيًّا…
حقيقة، أتقنت البطلة تمثيل الدور الفني باحترافية، حتى تعاطف معها المشاهدون جميعًا…
ولفتت نظر المجتمع إلى معاناة مرضى الفصام على المستوى الاجتماعي والعاطفي والأسري، إضافة إلى الآثار الجانبية لأدوية العلاج منه…
وعلى مدار ثلاثين حلقة، تمنى المشاهدون جميعًا سماع تلك الجملة المبهجة من البطلة “شفيت من الفصام”…
فهل يمكن حقًّا علاج مرض الفصام نهائيًّا؟
هل يمكن أن نسمع يومًا خبر نهاية مرض الفصام؟
في هذا المقال نتعرف معًا -عزيزي القارئ- إلى طرق علاج الفصام؛ فتابع معنا.
ما هو مرض الفصام؟
يندرج مرض الفصام ضمن الاضطرابات العقلية المزمنة، ويعاني المصاب به اضطرابات في التفكير والسلوك وردود الأفعال والمشاعر.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
وقد يتفاقم المرض ويسبب الهلاوس والضلالات والأوهام، أو قد يمر المريض بفترات يبدو فيها أنه يفقد الاتصال بالواقع؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى عرقلة حياته ويسبب له الكثير من المشكلات.
أسباب مرض الفصام

قبل أن نتعرف إلى إجابة سؤال “هل يمكن علاج مرض الفصام نهائيا؟”، ينبغي أن نتعرف أولًا إلى أسباب مرض الفصام، ونذكر منها:
عوامل وراثية:
تتحكم الجينات والعوامل الوراثية في انتقال مرض الفصام من الآباء إلى الأبناء؛ الأمر الذي يفسر وجود أكثر من شخص مصاب في العائلة نفسها.
في حقيقة الأمر، لم يتمكن العلماء من تحديد الجين المسؤول عن مرض الفصام، لكن رجح بعضهم وجود أكثر من جين يمكن أن يتسبب في هذا المرض.
وما زالت الدراسات تأمل في تعرف الجين المسبب للمرض؛ ومن ثم فتح أبوابٍ جديدة للعلاج.
تغيرات كيميائية في المخ:
تعتمد أغلب وظائف الدماغ على بعض المواد الكيميائية المعروفة باسم “الناقلات العصبية”، ومن أمثلتها: الدوبامين.
ويتسبب الخلل في هذه الناقلات في ظهور أعراض مرض الفصام.
عوامل متعلقة بمراحل نمو الجنين وولادته:
قد تتسبب بعض المضاعفات في أثناء فترة الحمل أو الولادة في إصابة المولود بمرض الفصام، مثل:
- انخفاض الوزن عند الولادة.
- إصابة الأم ببعض الفيروسات في أثناء الحمل.
- نقص أكسجين الجنين في أثناء الولادة.
- تعاطي المخدرات.
لم تثبت الدراسات الطبية إمكانية حدوث مرض الفصام نتيجة تعاطي الكوكايين أو حبوب الفيل الأزرق أو أية مواد مخدرة أخرى.
لكن أثبتت تسببها في ظهور أعراض الفصام عند الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، نتيجة أحد الأسباب السابق ذكرها.
علاج الفصام بالأدوية

يهدف علاج الفصام إلى تقليل حدة الأعراض وتعزيز قدرة الفرد على الاندماج في المجتمع، إضافة إلى منع انتكاس المريض وتعرضه لنوبات شديدة من الهلاوس والضلالات.
ويعتمد العلاج اعتمادًا رئيسًا على الأدوية المضادة للذهان، وعادة ما يصفها الطبيب ليتناولها المريض يوميًّا مدى الحياة.
ولذا، يجب أن تبتعد فكرة “علاج الفصام نهائيًّا” عن تفكيرنا في الوقت الحالي.
وهنا ندرك أهمية التشخيص المبكر لمرض الفصام، وضرورة الإسراع بتلقي الأدوية المناسبة، للتحكم الأمثل في أعراض المرض والحد منها.
علاج الفصام بدون دواء
على الرغم من اعتماد علاجِ الفصام على الأدوية، هناك بعض العلاجات غير الدوائية التي يمكن أن تساعد على علاجه.
ونذكر من طرق علاجِ الفصام بدون دواء:
علاجُ الفصام بالفيتامينات:
وجدت بعض الأبحاث انتشار نقص حمض الفوليك -أو ما يعرف باسم فيتامين ب9- بين مرضى الفصام، لذلك رجحت هذه الأبحاث دور حمض الفوليك في تحسين أعراض المرض.
كذلك رجحت دراسة أخرى فعالية فيتامين (د) وفيتامين (ج) وفيتامين (هـ) في مساعدة أدوية الفصام على تقليل أعراض المرض.
علاجُ الفصام بالغذاء:
وجدت بعض الدراسات تحسنًا ملحوظًا على مرضى الفصام الذين التزموا بنظام غذائي خالٍ من الجلوتين، لكن لم يفلح الأمر مع كل المرضى.
لذلك، يجب تجربة النظام ومراقبة الأعراض المرضية لاكتشاف إذا ما كان النظام مجديًا للمريض أم لا.
ولوحظ أيضًا تحسن بعض المرضى عند اتباعهم للنظام الغذائي الكيتوني (الكيتو دايت) -وهو نظام منخفض النشويات، ويعتمد اعتمادًا رئيسًا على البروتينات والدهون.
ولا تزال الأبحاث تدرس مدى فعالية هذه الأنظمة في علاج الفصام بالغذاء، لذلك يجب استشارة الطبيب أولًا قبل تجربة هذه الأنظمة الغذائية.
علاج الفصام بمكملات زيت السمك:
يعد زيت السمك مصدرًا غنيًّا بالحمض الدهني أوميجا 3، وهو حمض دهني أساسي (Essential fatty acid) يؤدي دورًا حيويًّا في تقليل الالتهابات في الجسم؛ ومن ثم يقلل الالتهابات في الدماغ، لذلك قد يساعد على تخفيف أعراض مرض الفصام.
علاجُ الفصام بالصدمات الكهربائية:
يلجأ الأطباء إلى استخدام الصدمات الكهربائية في علاج مرضى الفصام البالغين، خصوصًا في حالة معاناتهم الاكتئاب الحاد وعدم استجابتهم للأدوية المعتادة.
علاجُ الفصام بالحجامة:
يعتقد بعض المرضى بأن الحجامة قد تفيد في علاج مرض الفصام نهائيًّا أو تخفف من أعراضه، إلا أن هذه الادعاءات لا يوجد لها أي إثباتات علمية.
ويجب أن ننصح مرضى الفصام باللجوء إلى الطبيب المختص في علاج مثل هذه الأمراض، والالتزام بالأدوية التي يصفها.
يعمل الأطباء والباحثون بكل جهد للتوصل إلى علاج مرض الفصام نهائيًّا، ويأملون أن يكون هذا العلاج خاليًا من الآثار الجانبية الضارة، وفي الوقت نفسه فعال في علاج المرض.
نصائح لدعم مريض الفصام

تسبب بعض أدوية مرض الفصام حدوث آثارٍ جانبية غير مرغوبة؛ الأمر الذي يدفع بعض المرضى إلى رفض العلاج.
لذلك، نقدم بعض النصائح لمساعدتك على دعم مريض الفصام المقرب منك في حالة رفضه للعلاج:
- لا تحاول نقاش الأمر معه إذا كان في حالة نفسية أو مزاجية سيئة.
- فكر جيدًا، ورتب أفكارك، وابتعد عن أية كلمة قد تجرح مشاعره أو تشعره أن مرضه وصمة اجتماعية.
- تكلم بكل ود وحب وهدوء.
- كن مستمعًا جيدًا لمخاوف المريض، وأظهر تعاطفك معه.
- فكر معه في البدائل العلاجية المتاحة، حتى تساعده على أخذ قرار تلقي العلاج.
- كن صبورًا ولا تتوقع أن يغير المريض رأيه على الفور ويقرر تلقي العلاج.
- اعرض عليه تحديد موعدٍ مع اختصاصي نفسي ذي خبرة في علاجِ الفصام لمساعدته على إيجاد أجوبة عن أسباب مخاوفه.
- شجعه على الانضمام إلى مجموعات دعم مرضى الفصام النفسية.
- اعرض عليه تعلم بعض تمارين الاسترخاء لتقليل التوتر والضغط النفسي، مثل: اليوجا والتاي تشي، وكذلك مهارات التكيف.
كلمة أخيرة…
يحتاج مريض الفصام -حتى الآن- إلى تلقي العلاج الدوائي مدى الحياة، لكن حاجته أكبر إلى تلقي الدعم من المجتمع والأسرة والأصدقاء.
لذلك، نتحمل جميعًا مسؤولية دعم مرضى الفصام ومساندتهم للتغلب على هذا المرض، ونأمل جميعًا أن نقرأ خبرًا عاجلًا: «اكتشاف علاج مرض الفصام نهائيًّا!»، ونسمع جميع المرضى يتمتمون: «الحمد لله، شُفيت من الفصام!».