ترياق الطفل

كيف أعرف أن طفلي يحبني؟

أترى حين حملتك تسعة أشهر في أحشائي؟ لم أكل ولم أمِل، أحسب الليالي وأعد الأيام في انتظارك شوقًا لرؤيتك!

حب كبير يطرق الباب ليدخل حياتي دون استئذان، فيحيي القلب ويدب الأمل في الروح!

أعلم جيدًا أنني أول حب في حياتك، طالما قضيت الأيام في فترة حملي أتحدث معك حتى تعتاد سماع صوتي، عملت جاهدة لخلق حالة ارتباط وحب بيننا.

رزقني الله بطفل صغير منذ عدة سنوات، في كل يوم أراقبه فيه يكبر أمامي ويعبر لي عن حبه بطريقة مختلفة.

في هذا المقال سأستعرض معكم كيف عبر صغيري عن حبه لي في كل مرحلة عمرية …

علامات الحب عند حديثي الولادة

يتراوح عمر الطفل في هذه المرحلة ما بين يوم إلى شهر.

لذا؛ قد تعتقدين أن طفلك لا يشعر بك ولا يعيرك أي انتباه؛ لأنه غير قادر على الحديث معك أو تمييز أفعالك أو ربما لعدم اكتمال الرؤية عنده، لكن الواقع عكس ذلك! فطفلك يعرفك جيدًا عندما يسمع صوتك أو يلمس وجهك.

كما أنه يعبر عن حبه لك كثيرًا لكنك لا تعلمين ذلك، فمثلًا: انهياره بالبكاء ما هو إلا وسيلة ليخبرك بها أنه يريدك دائمًا بجواره ليطمئن قلبه ويشعر بالأمان. 

“نظرة فابتسامة فعناق … هكذا عبر رضيعي لأول مرة عن حبه لي!”

  • التحديق في عينيك

“كان يحب النظر إلى وجهي في محاولة منه لجذب انتباهي؛ معتمدًا عليه كأول طريقة لتوصيل حبه لي، وإشعاري بمدى أهميتي في حياته.”

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

“وكأنه يقول أن وجهك أحلى ما رأت عيني، فهذه النظرة تحكي الكثير من القصص وتصف العديد من المشاعر.”

إن تحديق الطفل في وجه أمه هو وسيلة للتعبير عن حبه لها، وامتنانه لرعايتها واهتمامها به.

  • التعرف إلى رائحتك

إذا أعطيتِ طفلك حرية الاختيار بين عشرات الروائح الجميلة والمنعشة من العطور والزهور؛ فإنه في كل مرة سينجذب كالمغناطيس إلى رائحة قميصك المتعرق والملطخ بالحليب، أو إلى رائحة الوسادة التي جمعته في حضنك طيلة اليوم.

يجيد الطفل البالغ من العمر أسبوعًا واحدًا التعرف إلى رائحة أمه، فبالنسبة لمولودك الجديد هي أحلى عطر يمكن أن يشمه ويتفاعل معه.

  • الابتسامة الساحرة

“تحول طفلي لساحر صغير يمسك بعصاته السحرية ليضع لي أول ابتسامة على وجهه؛ يسحر بها فؤادي، ويخطف عقلي بعيدًا إلى عالم آخر، ويعلن من خلالها بوضوح عن حبه لي وسعادته لرؤيتي.”

تعني ابتسامة طفلك لك أنه يعرفك جيدًا، وتدل على أن حبه وارتباطه بك هو إحساس غريزي يولد معه.

  • الصراخ والبكاء

“لا أخفيكم سرًا، كانت تلك المرحلة تثير غضبي! إذ لم يعد بمقدوري الذهاب هنا أو هناك؛ فكلما خرجت من الغرفة انقبض وجهه وشرع في البكاء.”

“أما عند عودتي؛ تعود الابتسامة على وجهه من جديد.

وبعد البحث والتدقيق علمت أن ذلك نوع من التعبير عن حبه لي وارتباطه الشديد بي، فالتمست العذر له!”

ستلاحظين أن طفلك في منتصف عامه الأول غير سعيد بغيابك؛ فهو يريدك بجواره طوال الوقت.

  • الاحتماء بحضنك 

“اللحظة التي تحولت فيها إلى الدرع المنيع له! فعندما اقترب أحد أقاربي لحمله، انغمس في أحضاني ليحتمي بي من عيون الغرباء.”

القلق من الغرباء هو مرحلة طبيعية يمر بها كل طفل، يلجأ حينها إليك للحصول على الحماية، ويعني ذلك أن طفلك يحبك ويثق بك للحفاظ على سلامته.

علامات الحب في مرحلة الطفولة المبكرة

يتراوح عمر الطفل في هذه المرحلة ما بين عام إلى ثلاثة أعوام.

“أكمل  صغيري عامه الأول وأصبح أكثر نشاطًا وقدرةً على الحركة، كما أنه بارع في تقليد سلوكاتي والالتفات إلى تعابير وجهي، وقد أخذ تعبيره عن الحب -في هذه المرحلة- مسارًا مختلفًا.”

  • أصبح مرآتك

“حفظ صغيري تعابير وجهي، وباستطاعته الآن تحديد حالتي المزاجية.

عندما أبتسم يبتسم معي، وإذا شعر بالقلق على وجهي ينتابه حالة من الخوف.”

  • يقلد سلوكاتك

“أسرح شعري أمام المرآة فيفعل مثلي!”

“يمسك بالمقشة ويكنس الأرض كما رآني أفعل من قبل!”

أصبح صغيري يقلدني كما لو كان نسخة مني، صحيح أن التقليد شكل من أشكال الإطراء؛ لكنه بالنسبة للأطفال الصغار انعكاس صادق للاحترام والمحبة.

  • تكونين مصدر أمانه 

“يركض أمامي في الحديقة لاستكشافها ثم يعود مسرعًا إلى أحضاني، وإذا أحس بخطر ما حوله يرفع ذراعيه لألتقطه…

إنه يثق في مساعدتي له، ويستخدمها كطريقة لإظهار الحب.”

إن صغيرك يعلم أنك مكانه الآمن الذي يستطيع الرجوع إليه ليستمد منه الشعور بالراحة والاطمئنان.

علامات الحب في مرحلة ما قبل المدرسة

“يستطيع طفلي الآن التعبير عن احتياجاته بتكوين جمل صغيرة جذابة ومضحكة، فقد ازداد ارتباطه وتعلقه بي وتغيرت اهتماماته كثيرًا.”

“أصبح يشاركني جميع ألعابه ويحرص على خلق لغة حوار ونقاش بيننا؛ لأفسر له كل صغيرة وكبيرة وأساعده على فهم عالمه الصغير.”

تبدأ هذه المرحلة في عمر الثالثة وقد تستمر إلى عمر السادسة.

  • أنا أحبك

“أنا أحبك يا أمي”

أخيرًا، قالها وهو في عمر الثالثة!

 “عبر صغيري عن حبه لي -لأول مرة منذ أن أنجبته- بطريقة شفهية، استخدم فيها كلماته البسيطة والرقيقة، لكنها تحمل في طياتها كل مشاعر الحب والصدق التي كان يُكنها بداخله ولم يستطع التعبير عنها صراحة.”

  • أصبحت قدوة له

يحب تقليد ما أفعل كما كان الحال في مرحلة الطفولة، لكن الأمر يزداد تطورًا وتقدمًا!

أتذكر يوم وجدته يحمل هاتفه اللعبة ويجري مكالمة هاتفية في غاية الأهمية بينما كان يكتب على لوحة المفاتيح على جهاز الكمبيوتر.

كم أضحكني ذلك الموقف! لقد كان يراقبني قبلها بساعات وأنا أتحدث مع صديقتي وأكمل عملي في نفس التوقيت.

  • يتفاعل معك

“يهتم طفلي في هذه المرحلة بالرد على جميع تساؤلاتي، واختبار ردود أفعالي تجاه تصرفاته.

كذلك فهو يريد أن يشاركني أفكاره ويحدثني عنها بطريقته الخاصة.”

تشير تلك التصرفات التي تصدر من الأطفال في هذه المرحلة إلى زيادة الارتباط بالأم والتعبير عن مدى ثقته بها.

  • يتعاطف معك

“مررت بحالة من الضيق والحزن في يوم من الأيام، وجلست بعيدًا عنه وانهمرت بالبكاء؛ فما كان منه إلا أن طبع قبلة على وجنتي ليغمرني بعطفه وحنانه، وكأنه يخبرني: لا تقلقي يا أمي أنت لست وحدك، أنا بجوارك”

قد يفاجئك صغيرك بكم كبير من التعاطف والحنان الذي يحمله لك إذا مررت بأزمة أو جرحتِ نفسك، إضافة إلى عروضه التي تنهال عليك ويدعوك فيها لمشاركته أشياءه، مثل: طعامه وألعابه وغطائه.

علامات الحب في مرحلة الطفولة المتوسطة

“أقف اليوم عند تلك المرحلة التي أرى فيها صغيري يكبر وتزداد بيننا رابطة الحب؛ فقد أصبح هو الآن السند ومصدر الأمان لي، أصبح صديقي الذي أشاركه تفاصيل حياتنا ومستقبلنا.”

تشمل هذه المرحلة الأطفال من سن 6 إلى 12 عامًا.

  • أصبحت صديقته المقربة

يشاطرني أحزانه ويشاركني مشكلاته، فهو على يقين أنني مستعدة لأعاونه على إدارة مشاعره والتغلب على أفكاره السلبية.

  • يقدم خدماته

“أمي، لقد أعددت لكِ الفطور” … علامة حب جديدة منحها لي طفلي في هذه المرحلة!

يرغب طفلك في هذه المرحلة أن يفعل العديد من الأشياء لأجلك، ويقدم المزيد من الخدمات التي تعمل على راحتك؛ لرد جزء من العطاء الذي منحتيه إياه.

  • يظهر امتنانه

“الأكل رائع يا أمي، سلمت يداك”

هكذا يعبر صغيري عن امتنانه وشكره لي حينما أعد له طعامه المفضل.

إظهار الطفل امتنانه لوالدته يدل على مدى حبه واحترامه لها ولمجهوداتها الدائمة لإرضائه وإسعاده.

ختامًا …

يجب أن تعلمي عزيزتي أن رابطة الحب والثقة تنشأ بينك وبين طفلك وهو في داخلك، احرصي على التواصل الدائم معه حتى يأتي إلى عالمك الخارجي، وحينها يتعين عليكِ العمل على تطوير روابط الحب والود بينكم، والتحلي بالصبر في المراحل العمرية المختلفة للطفل، لأن طفلك هو النبتة التي تزرعينها بحب لتجني ثمارها لاحقًا.

بعد قراءتك للمقال، أخبرينا كيف يعبر طفلك عن حبه لك؟

كتبته د.منى كرم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى