ترياق الأسرةترياق الطفل

كيف أنمي شخصية ابني؟

“ابنكم مدلع أوي، لازم تشدوا عليه!”

“انتي أم صعبة جدًا! لازم تخفي شوية من على الولد” 

“التربية الإيجابية اللي ماشيين بيها دي هتودي الولاد في داهية، ما لها تربيتنا ليكم؟!” 

“الضرب غلط، ومش لازم يبقى هو العقاب المتاح” 

من بداية أول يوم في رحلتنا مع التربية ونحن نسمع الكثير من تلك التعليقات، معظمها متناقض وأغلبها خاطئ.

وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلناها منذ بداية معرفتنا بخبر الحمل إلا أنه لازال هناك الكثير لنكتشفه ونتعلمه.

ففي مواقف عدة نخطئ، ونصيب في ومواقف أخرى، وكل هدفنا في النهاية أن ننشِئ طفلًا سويًا يقدر على العيش والمواجهة في حياته المقبلة… 

كل هدفنا هو البحث على إجابة شاملة عن سؤال مهم، وهو: ” كيف أنمي شخصية ابني؟ “، وهذا ما سنشارككم به في  هذا المقال.

من أين نبدأ؟!

يبدأ الآباء طرح سؤال كيف أنمي شخصية طفلي؟ -عادة- في عمر متأخر، جاهلين بأن الأمر يبدأ مبكرًا جدًا. إن السنوات الأولى من عمر أطفالنا تعد حجر الأساس الذي يشكل نمط شخصياتهم وطبيعتها بنسبةٍ كبيرة. 

وبداية من عمر الثالثة، يمكن أن ترى بوضوح تغيرًا كبيرًا في شخصية طفلك؛ ففي هذا الوقت تحديدًا يمكن أن تلاحظ:

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

  • قدرته على التعبير عن نفسه بشكل أوضح؛ نظرًا لتطور مهاراته اللغوية.
  • رغبته الشديدة في الاعتماد على نفسه بشكل كبير في الأمور البسيطة.
  • تطور مهاراته في التعرف على الآخرين، واكتساب خبرات جديدة في التعامل معهم.
  • فهمه لمشاعره المختلفة، وقدرته على التحكم بها.

لهذا يجب أن نبدأ من هنا، ونستعد لغرس جُل ما نقدر عليه من المقومات التي تساعد على تنشئة طفل سوي.

القاعدة الأولى: تعرف إلى شخصية طفلك 

تسألني: كيف أعرف شخصية طفلي؟ 

الأمر بسيط جدًا، كل ما تحتاجه هو المراقبة الجيدة والمتأنية وقضاء وقت كافٍ معه؛ لتتمكن من التعرف على مفردات شخصيته.

فيمكنك أن تلاحظ -مثلًا- تطور قدرته على التحكم في غضبه، وهذه تعد إحدى علامات قوة شخصية الطفل التي يجب تعزيزها.

ومن خلال المراقبة يمكنك أن تلاحظ أيضًا اعتماده التام عليك، وهذه أبرز صفات الطفل ضعيف الشخصية التي يجب عليك التعامل معها. 

ومن خلال إجابتك عن هذا السؤال –كيف أعرف شخصية طفلي؟-؛ يمكنك تحديد نقاط القوة ودعمها ونقاط الضعف والعمل على تغييرها.

القاعدة الثانية: اختر كلماتك جيدًا 

إن الأبوين هما المصدر الأول الذي يكتسب منه الطفل ثقته بنفسه، فتتشكل صورته الأولية عن ذاته من خلال مرآتها الصادقة. 

فماذا تتخيل أن يحدث إن قرر أحدهما أو كلاهما تشويه تلك الصورة؟! 

ماذا لو أصرَّا على وصم الطفل -بوعي منهما أو دون وعي- بأسوأ الصفات؟! 

ستكون النتيجة حتمًا طفلًا مشوَّه الشخصية، لا يستطيع تقدير ذاته، وربما التصقت نعوتهما بغير وعي منه طوال عمره، حتى وإن كانت غير حقيقية.

فأرجوك، انتبه لما تقول! 

القاعدة الثالثة: لا تقارن 

يختلف الأطفال بشكلٍ مذهل في الصفات والمهارات، فكل طفل هو حالة خاصة يجب على الأبوين احترام تفردها. 

وإن أردت الإجابة عن سؤالنا في أول المقال (كيف أنمي شخصية ابني؟)؛ فإن عليك معرفة نقاط تميزه جيدًا والعمل على تطويرها. 

بجانب هذا، إياك ومحاولة قولبته أو وضعه في مقارنة مع صديق أو أخ أو قريب؛ فهذا من شأنه تشويه شخصيته.

القاعدة الرابعة: كن قدوة 

لطالما اعتقدت أن الأطفال يملكون أجهزة رادار عالية التقنية خاصة بهم، يسجلون كل ما يرونه من الأبوين ويقلدونه. 

فإن أردت زرع قيم وصفات نبيلة داخلهم؛ فما عليك سوى ممارسة ما تريد غرسه أمام أعينهم بدلًا من ترديده على مسامعهم.

القاعدة الخامسة: اسمح له باللعب 

يعتقد الكثير من الآباء أن اللعب رفاهية يستطيع الأطفال الاستغناء عنها، وهذا هراء؛ إذ إن اللعب يساعد على تنمية مهاراتهم الجسدية والعقلية والعاطفية.

من خلال اللعب يتعلم الأطفال الكثير من المهارات المهمة، مثل:

  • العمل الجماعي والاندماج مع الآخرين.
  • التخيل والابتكار.
  • اكتشاف أشياء جديدة.
  • تعلم القيادة وكيفية صنع قرار.

وهنا، يمكننا القول إنك تستطيع الإجابة عن سؤالنا “كيف أنمي شخصية ابني؟” بجملة واحدة، وهي: 

دعه يلعب.

القاعدة السادسة: كن مستمعًا جيدًا 

إن أعظم ما يمكن أن تقدمه لطفلك هو الاهتمام به والاستماع الجيد له، دون نقد أو إصدار لأي أحكام عليه. 

وهذا من شأنه أن يجعلك ملاذه الآمن وخياره الأوحد الذي يلجأ إليه طوال الوقت، ليس هذا فحسب؛ بل يزيد ثقته بنفسه بشكل كبير. 

القاعدة السابعة: توقف عن الإفراط في حمايته 

إن من أكثر المفاهيم الخاطئة لدى معظم الآباء والأمهات هو أن وظيفتهم الأساسية حماية أطفالهم من مخاطر الحياة. 

نتيجة لذلك؛ يُحكم الكثير منهم الخناق على أطفالهم بدعوى الخوف عليهم من العالم المحيط، ومن هنا تنشأ الاعتمادية، وهي أسوأ صفات الطفل ضعيف الشخصية.

إن طفلك سيكبر -يا صديقي- لا محالة، وسيواجه ما هو مقدر له بدونك عاجلًا أم آجلًا؛ فبدلًا من الإفراط في حمايته زوده بالمهارات اللازمة ليتمكن من الدفاع عن نفسه بنفسه.

القاعدة الثامنة: توقف عن الصراخ 

الصراخ والتوبيخ والانتقاد والضرب ليست حلولًا مناسبة لعقاب طفلك أو تقويمه، فمع الوقت سيزداد الأمر سوءًا. 

فعلى الرغم من انصياع معظم الأطفال لأوامر الآباء المرتبطة بتلك الأنواع من العقاب فإنهم عادة لا يتعلمون منها، ولا يفهمون السبب من ورائها، ولا الطريقة المثلى للتعامل معها.  

جرب بدلًا منها التحدث إليهم، واشرح لهم عواقب أخطائهم وكيف يمكن تجنبها، واختر عقابًا رمزيًا يتماشى مع حجم الخطأ. 

القاعدة التاسعة: قنن استخدامه للتكنولوجيا 

تستهلك شاشات المحمول والتلفاز والحاسوب الكثير من وقت أطفال هذا الجيل، وتحرمهم فرصة اكتشاف العالم المحيط بهم ومتعه المختلفة… 

لهذا يجب على الآباء تقليص الوقت المتاح للأطفال أمام تلك الشاشات، بل ومراقبة ما يصل إليهم من خلالها. 

القاعدة العاشرة: لا تتوقف عن تشجيعه

الثقة بالنفس هي إحدى أهم علامات قوة شخصية الطفل، لكن من أين يحصل الطفل عليها؟!

كلمة السر هنا هي (التشجيع) يا صديقي. 

يحتاج الأطفال التشجيع المستمر على كل ما يتعلمونه أو يفعلونه، مهما كان بسيطًا من وجهة نظرك. 

فكلمات التشجيع اللطيفة تلك تزيد ثقتهم بأنفسهم وتمنحهم شعورًا بالرضا عنها، وتنعكس بشكل إيجابي على صورتهم الذاتية.

من الضروري أيضًا أن نعلم أطفالنا كيف يمكنهم تشجيع أنفسهم وقت الحاجة، وأن نصنع داخلهم صوتًا إيجابيًّا يحفزهم في أوقاتهم الصعبة.

القاعدة الحادية عشرة: النتيجة أم المجهود؟! 

يقع الأبوان -في كثير من الأحيان- في فخ البحث عن النتيجة وغض الطرف عن حجم المجهود المبذول من قبل أطفالهم. 

فهل عليك محاسبة طفلك على قدراته أم مقدار ذكائه؟! 

أم من الأفضل تقدير مجهوداته وتشجيعه على الاستمرار فيها؟! 

القاعدة الثانية عشرة: تخلى عن ملكيتك 

إن أطفالنا ليسوا مِلكًا لنا، بل هم أمانة في أيدينا. لم نأتِ بهم إلى هنا ليحققوا أحلامنا أو ليصنعوا ما فشلنا نحن في تنفيذه… 

لهذا؛ تخلَّ عن اعتقادك بملكيتك لهم، واترك لهم المساحة للنمو السوي والعيش بحرية.

في الختام… 

حاولنا قدر استطاعتنا الإجابة عن سؤال مهم، وهو: كيف أنمي شخصية ابني؟ 

لكن الأمر سيحتاج منكم الكثير من الجهد والقراءة. ولنتذكر أن أطفالنا يشبهون تلك الأرض الخصبة، نزرع فيهم بذورنا ونرويها بحبنا وحناننا ونمهد الطريق لنموها قدر استطاعتنا…

 فانظروا ماذا تزرعون!

المصدر
6 Ways to Help Your Preschooler's Personality Blossom12 Ways to Raise a Competent, Confident Child with GritChild Psychology and Development
اظهر المزيد

د. مروة إسماعيل

مروة إسماعيل صبري، طبيبة بيطرية وكاتبة محتوى طبي، مهتمة بالبحث في مختلف العلوم الطبية وتبسيطها وإثراء المحتوى الطبي العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى