ترياق الأمراض النفسية

كيف تزيد ثقتك بنفسك؟ خطوات بسيطة لكنّها فارقة

لطالما أحببتُ سماع الحكايات ممن حولي، فالحكايات ليست مجرد كلامٍ أو سُطورٍ تُروَى، إنما هي مشاعر وآمال
وأحلام تُدخلك عوالم النفس الخفية…

لكن أتعرف ما الذي يؤثر فيَّ أكثر؟ العيون المتخفية عن النظرات المباشرة، والأصوات المهزوزة،
والمحاولات المترددة للتعبير عن النفس في مختلف المواقف.

جميعنا يعلم أن الثقة بالنفس من أهم الصفات المعينة على النجاح، سواء في العمل، أو في العلاقات الاجتماعية والعاطفية، أو في تحقيق الأهداف المختلفة.

لذا سنتحدث في السطور القادمة عن أسباب عدم الثقة بالنفس، وكيف تزيد ثقتك بنفسك.

فإن كنت تشعر بالأسى حيال عدم ثقتك بنفسك؛ سنحاول معًا إعادة بناء تلك الثقة بعدما نفهم أسباب ما حدث.

ما هي الثقة بالنفس؟

تُعبر الثقة بالنفس عن إيمانك وثقتك في حُكمِك وقدراتك، وتقديرك لذاتك، بصرف النظر عن أي نقص بشخصك أو الظروف المحيطة، أو رأي الناس فيك.

لا تتعجب إذا خلط بعض الناس بين الثقة بالنفس والغرور، فالغرور يُعد درجة أعلى من الثقة بالنفس،
تصل إلى التمادي في الخطأ وعدم الاعتراف به؛ لذا فهو أمرٌ مذموم.

أما قوة الثقة بالنفس فتجعلك محتفظًا بقيمة ما تفعله، مقدرًا قدره، فلا تضيع حقك بالصمت أحيانًا، أو تخفق في التعبير عن احتياجك أو مجهودك في أحيانٍ أخرى.

لماذا قوة الثقة بالنفس مهمة؟

لتدرك أثر عدم الثقة بالنفس عليك، فكِّر كيف أنك تصرف جهدك في أمور ثانوية.

فبدلًا من التركيز على ما ستقوله في العرض التقديمي في العمل أو الجامعة، تجد نفسك متوترًا واضعًا تركيزك في رأي الناس في أدائك وحكمهم عليك؛ مما يمنعك من التعبير عن نفسك جيدًا.

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

والأمثلة على هذا الأمر كثيرة، وتشترك جميعها في أنها تضيع من جهدك، وتجعلك خائفًا من رأي الآخرين فيك، كأنك في اختبار دائم وتخشى النتيجة.

لذا قبل أن أحدثك عن كيف تزيد ثقتك بنفسك، تُرى ما الذي يمنعك عن الثقة بنفسك؟ هل هو ضعف شخصيتك بالضرورة أم لا؟

أسباب عدم الثقة بالنفس

تختلف أسباب عدم الثقة بالنفس من شخص لآخر، فقد تكون ناتجة عن بعض العوامل الآتية:

عوامل وراثية

يولد بعض الأشخاص باختلافات جينية تؤثر في مستوى الهرمونات والنواقل العصبية بالمخ؛ مثل “السيروتونين” المعروف بهرمون السعادة، و”الأوكسيتوسين” الذي يُعرف بهرمون الحب.

بالإضافة إلى تأثير هذه الهرمونات في مستوى ثقتك بنفسك، ربما تؤثر طباعك المزاجية في تصرفاتك أيضًا.

فإن كنت مترددًا ومائلاً إلى الحذر بطبيعتك، لن يسعدك كثيرًا تغير الخطط عن المعتاد، ولن تستطيع أن تخطو بثقة نحو بعض المغامرات الجديدة عليك.

تأثير الطفولة

إذا كان والدك -على سبيل المثال- دائم الانتقاد لك في طفولتك، كأن كان يكرر دائمًا أنك لن تنجح في أي أمرٍ ولن تصل إلى أي أهداف، فمن المرجح أن شخصيتك تأثرت بذلك حتى بعدما كبرت.

لكن الخبر السار أنه مهما حدث في الماضي، يمكنك إعادة بناء الثقة بالنفس تدريجيًا بطرق مختلفة.

البيئة المحيطة

تمتلك البيئة المحيطة بنا تأثيرًا هائلًا في شخصياتنا؛ كأن تعيش مع شخص يقلل من قدرك ويسلبك إرادتك طوال الوقت، فيُفقدك هذا أي ثقة بنفسك، ويصبح كسب الاحترام حلمًا يراودك في نومك وصحوك.

الخبرات الحياتية

لا يقتصر الأمر على تأثير الطفولة أو البيئة المحيطة فقط، فإذا مررت بصدماتٍ في حياتك؛ كالتحرش الجنسي أو التنمر، أو الابتزاز العاطفي أو الجنسي، أو تعرضت لعنف جسدي، ستتأثر ثقتك بنفسك كثيرًا.
بل ربما تحتاج إلى علاج كرب ما بعد الصدمة في بعض الأحيان إذا صعُب عليك تخطي الحادث أو الموقف.

لمعرفة المزيد عن العوامل اقرأ: “لعبة المرايا والثقة بالنفس

كيف تزيد ثقتك بنفسك؟

كيف تزيد ثقتك بنفسك ؟

على عكس ما قد تتوقع، لن تجدني أعطيك نصائح خارقة عن كيف تزيد ثقتك بنفسك، ما سنفعله هو التعمق بداخلك، والتنقيب عمَّا يُمسكك عن الثقة بنفسك والتصديق بها.

لنحاول معًا تخطي تلك العقبات، ونركز كذلك على عدة أمور بسيطة لكنها فعالة؛ لذا:

واجه مخاوفك

يقول نجيب محفوظ: “الخوف لا يمنع من الموت، لكنه يمنع من الحياة!”، نعم -عزيزي القارئ- الخوف مهم؛ فهو يحمينا من إلقاء أنفسنا في التهلكة، لكنك أحيانًا لا تكون مدركًا ما يمنعك عنه خوفك.

أتذكُر كيف كنت تخاف عبور الشارع في طفولتك؟ أنت الآن لا تفكر حتى في الأمر! فقد أصبحت تعرف كيف تعبره بسلام دون أن تؤذي نفسك. 

ذكِّر نفسك بهذا في كل مرة تخاف من أمر لا تتقنه، أنت تحتاج للممارسة والتكرار لكي تتعلم من أخطائك،
وتصبح أقوى وأكثر ثقة بنفسك.

ضع أهدافًا واقعية

هل تكره مواعيد تسليم المهام؟ لا تقلق… لستَ وحدك! لا أحد منا يستمتع بوجود ضغط مستمر عليه.
لكن أهم ما في تلك المواعيد أنها تلزمك بجدول واضح ترى فيه تقدمك مع الوقت.
فمع انتهاء المهلة تكون قد أنجزت العمل بالفعل!

لكن أهدافنا كثيرًا ما تقع تحت مظلة الجهد الخفي، فقد لا تدرك فعلًا مقدار الجهد الذي تبذله لتحقيق بعض الأهداف القصيرة المدى؛ فلا تشعر بقيمتها. 

جرِّب وضع تلك الأهداف في جدول زمني واضح، وتابع تقدمك التدريجي فيها، وسيساعدك هذا على اكتساب الثقة في نفسك وفي قدرتك على النجاح.

اكتشف نِقَاط قوتك

إذا أردتَ شراء شيء ما من أحد المواقع، ووجدتَ تقييمًا سلبيًا على هذا الشيء؛ غالبًا ستتردد في شرائه، بالرغم من وجود الكثير من التقييمات الإيجابية!

هكذا هي أدمغتنا، تلتفت إلى العيوب وتغض الطرف عن المميزات في كثير من الأحيان!

وللإجابة عن سؤال: كيف تزيد ثقتك بنفسك؟ فإن أول ما تحتاجه هو أن تقف لرؤية مميزاتك، وتنظر إلى نجاحاتك ومواهبك المختلفة؛ فهذا مما سيكسبك ثقةً ويجعلك تقدِر نفسك قدرها.

فلتِر نِقَاط ضعفك

جميعنا يوجد لديه أمر لا يحبه في شكله أو شخصيته؛ كأن تكون غير راضٍ عن شكل أنفك أو فمك.
لكن هل من المفيد أن تركز طوال الوقت على هذا الأمر وأنت لا تستطيعُ تغييره؟!

ما يستحق جهدك فعلًا هو ما بإمكانك تغييره للأفضل؛ مثل صفة سلبية فيك كالعصبية أو الكسل أو غيرها.

وإذا انتقدك أحدهم فلا تأخذ حديثه بشكل شخصي، وركز على ما يمكنك الاستفادة به من هذا النقد؛ مما يساعدك على التحسن والتطوير من نفسك.

لا تقارن نفسك بغيرك

ربما أصبحت تلك النصيحة شديدة الصعوبة في عالمنا الحالي؛ إذ لا يوجد أسهل من أن تتابع أخبار أي شخص في أي مكان بالعالم.

مشكلة هذا الأمر أنك تجد نفسك قد امتلأت بأحلامٍ ليست لك، كأن تحلم ببيت يشبه بيت هذا الممثل،
أو سيارة كتلك التي يمتلكها ذاك اللاعب!

فتصبح جهودك ونجاحاتك عديمة القيمة ما دامت لا توصلك إلى تلك الأحلام!

لا تقارن نفسك بغيرك

لذا؛ من الوسائل الضرورية لمعرفة كيف تزيد ثقتك بنفسك، أن تَكُفَّ عن تتبُّع أحلامٍ ليست لك، وتركز على احتياجاتك وأحلامك أنت، لتستطيع مراقبة جهدك والاحتفاء بنجاحك في تحقيق تلك الأحلام.

جرِّب التطوع

نعم عزيزي القارئ، أعلم أنك تبحث عن كيف تزيد ثقتك بنفسك، فلا تتعجب من هذه النصيحة.

وقبل أن تسبقني بقول إن التطوع يحتاج إلى نيةٍ خالصة، دعني أقول لك أنك ما زلت تستطيع إفادة غيرك، فما العيب في اكتساب مهارات تفيدك أنت أيضًا؟

تشعر بالرهبة من الناس؟ إذًا هذا هو المكان الصحيح! فالتطوع يكسبك العديد من المهارات الاجتماعية، ويُكسبك الإيجابية، ويقلل من توترك ورهبتك عند التعامل مع غيرك من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية.

بالإضافة إلى أنه يزيد من إفراز هرمون “الأوكسيتوسين” -هرمون الحب- بجسدك؛ وهو ما يزيد بدوره مقدار ثقتك بنفسك، فما الأجمل من ذلك؟!


دع مظهرك يبدو واثقًا

للانطباع الأول أهمية كبيرة عند كثير من الناس، لذا إن كانت قلة الثقة تختبئ داخلك، فدع ما يظهر منك يتحدث عنك.

اهتم بمظهرك الخارجي ولغة جسدك، وستكسب بهما انطباعات إيجابية ممن حولك، مما سيعود عليك بزيادة الثقة بنفسك.

وبعْد عزيزي القارئ،
فالأفكار التي تخبرك كيف تزيد ثقتك بنفسك كثيرة ولا حصر لها، لكنها تحتاج إلى الخروج إلى حيز التنفيذ.
فلا تتردد واترك الخوف جانبًا، فأنت جدير بالاحترام وتستحق تلك الثقة بكل تأكيد!

المصدر
5 Reasons People Have Low Self-ConfidenceConfidenceBuilding Self-ConfidenceWhat is Self-Confidence? + 9 Ways to Increase It5 Ways to Boost Your Self-ConfidenceThe 12 Benefits of Increasing Your Self-Confidence
اظهر المزيد

د. آلاء عمر

آلاء عمر، صيدلانية، أم، وكاتبة محتوى طبي، أهدف إلى إيصال المعلومة الطبية للقارئ بسهولة وزيادة الوعي الطبي لدى الناس. مهتمة بمجال الصحة النفسية وما يخص الطفل والمرأة طبياً. مؤمنة بقدرة الإنسان على اكتساب الوعي والتغيير الإيجابي للإرتقاء بمستوى حياته للأفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى