
هل سألت نفسك لِما تملك الأفيال ذاكرة قوية، وقادرة على تذكُّر أي وجه تراه في حياتها ولو مرَّت عليها سنوات طوال؟!
ولماذا تعاني الأسماك من الذاكرة قصيرة المدى، مثل السمكة (دوري) في فيلم الأطفال (البحث عن نيمو)؟!
دعني أصدمك بسؤال آخر…
لماذا تمتلك النساء ذاكرة حديدية لمواقف وتواريخ سابقة مثل الأفيال، والرجال لا يمكنهم تذكُّر ماذا تناولوه من طعام منذ خمس دقائق فقط مثل السمك؟!
تعرَّف إلى الإجابة في هذا الترياق…
النسيان الدائم… آفة الرجال!
إذا كان زوجكِ يعاني ذهنًا غائبًا، أو دائمًا تشعرين أنه بلا ذاكرة تقريبًا، وينسى أهم أيام حياتكما معًا وذكرياتكما الجميلة؛ فلا يذكر متى كان موعد الزواج، أو متى وأين كان تاريخ أول لقاء جمعكما معًا، والأصعب من كل ذلك، ينسى متى كان عيد ميلادكِ أو عيد ميلاد ابنك، لا داعي للقلق أبدًا؛ فأنتِ لستِ الوحيدة التي تعاني -عزيزتي- من رجل بلا ذاكرة قوية في المنزل، فقد أثبت علم النفس الحديث أن الرجال فعلًا يعانون من آفة النسيان للمناسبات الهامة.
الرجال بلا ذاكرة قريبة قوية تقريبًا!
“إن الأمر مفاجئ حقًا أن ترى الرجال ينسون بنسبة أكبر من النساء، إن هذا موثَّق من قبل، لكن ليس بتلك النسبة، فقد كان من المفاجئ أن نرى الرجال -سواء كانوا في الثلاثين من العمر، أو حتى الستين- يعانون من النسيان للمناسبات الهامة، فالنتائج كانت واضحة مثل ضوء الشمس تمامًا!”.
تلك كانت كلمات البروفيسور “جاستن هولمين”، المدرس بالجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا ب(ترودينهايم)، والذي نُشِرَت نتائج بحثه الخاص بقوة الذاكرة لدى الرجال في المجلة الطبية (BMS) -إحدى المجلات النفسية المرموقة- بتاريخ 2013.
ماذا فعلت منذ سنة مضت؟ هل تتذكر؟
اعتمد (هولمين) وفريقه من الباحثين على تسع أسئلة تفاعلية مع المجموعة الخاضعة للتجربة الجديدة، والتي كانت -بالمناسبة- أكبر مجموعة من المتطوعين المشاركين في تجربة نفسية خاصة بقدراتهم على التذكر جيدًا. سُمِّيَت تلك التجربة باسم “HUNT3” في “mid- Norway”، ووصل تعداد المشاركين فيها -وفي نتائجها- نحو 48 ألفًا كجزء من فعاليات البحث، وتضمنت بعض تلك الأسئلة التسعة التالي:
- كم مرة في المعتاد كنت تعاني عند تذكُّر أي شيء خاص بك؟
- هل تعاني صعوبة في تذكُّر الأيام والمناسبات الهامة؟
- هل تذكر ماذا فعلت منذ سنة مضت؟
- هل تتذكر ماذا قلت بالتفصيل في إحدى المحادثات من سنة؟
الإجابة من المجموعة الخاصة بالرجال كانت مفاجأة؛ لم يستطيعوا الإجابة على ثمانية أسئلة -من أصل تسعة- بشكل يثير الجدل!
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
“أصابتنا الشكوك والتكهنات حول النتائج بأن الرجال يعانون مشكلات كبيرة في القدرة على التذكر مقارنة بالنساء، لكن لم يستطيعوا إيجاد تفسير منطقي لمثل تلك النتائج”.
“النساء أيضًا كانت لديهن مشاكل في القدرة على التذكر، ولكن بصفة أقل. وكذلك الأسماء والعناوين، كانت النساء غير قادرات على تذكُّرها، ولكن بدرجة أقل من الرجال”.
وكان على (هولمين) وفريقه من الباحثين إيجاد سبب وحل لتلك المشكلة:
- الثقافة العالية مرتبطة بشكل كبير بالذاكرة القوية
كما ذكرت النتائج المسبقة مدى ضعف الذاكرة لدى الرجال بشكل أكبر من النساء، فإن تلك النسبة من الممكن لها أن تزيد وتتضاعف مع تقدم العمر، لكن الناس لا يبدأون في النسيان بشكل كبير إلا في سن الخمسين من العمر أو أكثر.
وبالإضافة إلى الجانب التعليمي، أثبتت الدراسة أن المجموعة التي تحتوي على فئات ذات درجة عالية من التعليم، قادرة على التذكُّر بشكل أكبر من هؤلاء ذوي التعليم الأقل.
بجانب أن المجموعة التي كانت تحوي فئات تعاني القلق أو الاكتئاب، عانت عدم القدرة على التذكر بشكل أكبر من هؤلاء المستقرين نفسيًا، وذلك لكلا الجنسين.
- كثرة النسيان مؤشر خطير نحو الخرف والألزهايمر
مشاكل الذاكرة والنسيان تبدأ في دق ناقوس الخطر لدى المجموعة التي تحتوي الفئة العمرية الأكبر سنًا، ما بين 60-70 عامًا. لكن ذلك لم يكن هدف (هولمين) فقط، بل كان هدفه من الأساس هو فئة الثلاثينات، والتي تعاني مشكلات التذكر، حيث ستصبح أكثر عرضة للخرف والألزهايمر مستقبلًا.
لكن… هل هناك حل لمثل تلك المشكلة؟ والأهم… ما هي طُرق الوقاية منها؟
سبع نصائح من “تِرياقِي” للتغلب على مشكلات النسيان وعدم التذكر:
- النشاط الرياضي لا غنى عنه: النشاط الرياضي يعزز من كفاءة الجسم العضلية والدموية، ويزيد من كفاءة الدورة الدموية، خصوصًا نحو المخ، الأمر الذي يجعل عقلك نشيطًا ومنتبهًا وحاضرًا.
- حافظ على صحتك العقلية والنفسية: النشاط العقلي -مثل النشاط الرياضي العضلي- مهم جدًا؛ فتمارين العقل -كما يقولون- تساعد على تنشيط خلايا المخ. لذا، يمكنك ممارسة رياضة مثل الشطرنج أو كروت الألغاز؛ فكل تلك التغيرات تجعل عقلك حادًا وقادرًا على تذكُّر كافة التفاصيل الدقيقة بكل سهولة ويسر.
- كُن شخصًا اجتماعيًا: حضورك لمناسبات اجتماعية بشكل متكرر، وتواصلك مع المقربين والأفراد الآخرين، والتعرف عليهم، كل ذلك يحفز إفرازات هرمونات المخ، ويقلل الشعور بالألم النفسي والاكتئاب، ويجعل من ذكرى المناسبة شيئًا تستطيع تذكُّره بتفاصيله.
- كُن شخصًا منظمًا: قلِّل من المشتتات، ولا تقُم بفعل أكثر من شيء في وقت واحد، ركِّز تفكيرك على فعل واحد فقط، وعوِّد نفسك على تذكُّرها في اليوم التالي، حتى يصبح الأمر عادة صحية يومية، فتستقر صحتك النفسية، وتتعلم كيف تكون منظمًا ذا ذهن حاضر.
- تناوَل الطعام والشراب الصحي: تناول الفاكهة والخضروات، والحبوب الكاملة، والطعام المحتوي على زيت السمك بشكل كبير ويومي، فذلك مفيد جدًا لصحة العقل، لِما يحتويه من أحماض أمينية هامة لسلامة وحيوية المخ والذاكرة.
- اضبط مواعيد النوم: النوم الهادئ والمريح يساعد على تقوية الذاكرة، ونومك 7-9 ساعات يوميًا يزيد من إنتاجية اليوم، ويجعل الذاكرة مسنونة كسن سكين حامٍ جاهز للاستخدام في أي وقت تحتاجه لقطع آفة النسيان من رأسك.
- سيطِر على أمراضك المزمنة: كلما اهتممت بنفسك وصحتك الجسدية، وسيطرت على أمراضك المزمنة، مثل الضغط أو السكر، استطعت أن تحافظ على سلامة الصحة النفسية والعقلية لديك، وتمتعت بذاكرة قوية.
ختامًا…
عزيزي الرجل، نحن نعلم كم تعاني من أجل أمان واستقرار أسرتك، وكم تسهر وتُتعِب ذاتك ونفسك من أجل تحقيق أحلامهم وطموحاتهم في الحياة، لكن الحياة دون ذكريات ومناسبات مفرحة -تضفي البهجة والسرور على حياتك- تصبح حياة نسيان.. لا حياة إنسان!