متلازمة الستروم | الجينات التي دمرت حياتي!

أسمع دائمًا عن الأطفال الذين يرثون العيون الملونة أو الشعر الأشقر من آبائهم، ولكنني حالة فريدة ومختلفة، إذ تركتُ جميع الصفات المميزة، وورثتُ مرضًا نادرًا.
كنت، مختلفًا منذ طفولتي، إذ علمتُ إنني أعاني الكثير من الأمراض الجسدية بسبب متلازمة وراثية نادرة تسمَّى “متلازمة الستروم”.
شعرتُ بالضعف وقلة الحيلة لسنوات طويلة، ولكنني قررتُ الآن ألا أستسلم لمعاناتي، قررتُ أن أعرف تفاصيل مرضي، وأسبابه، وأساليب علاجه.
ما هي متلازمة الستروم؟ ما الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بها؟ وما الأعراض المميزة لهذه المتلازمة النادرة؟ سنعرف إجابة الأسئلة السابقة في هذا الترياق، فتابع معنا…
ما هي متلازمة الستروم؟
تُعَدُّ متلازمة الستروم اضطرابًا وراثيًا نادر الحدوث، يؤثر في الكثير من أجهزة الجسم.
اكتشف الطبيب السويدي (كارل هنري الستروم) أول إصابة بهذه المتلازمة في عام 1959.
تظهر الأعراض غالبًا في مرحلة الطفولة المبكرة، ويتميز هذا الاضطراب بفقدان السمع والبصر تدريجيًا.
ومع مرور الوقت، يمكن أن يُصاب المريض بضعف عضلة القلب واختلال وظائف الكلى، وهو ما قد يؤدي إلى الفشل الكلوي.
أعراض متلازمة ستروم

ربما يكون هذا المقال بداية معرفتك بمتلازمة ستروم، لذا سنذكر في السطور القادمة أهم أعراض هذه المتلازمة، ومنها:
فقدان البصر
عادة ما يعاني الطفل المصاب بهذه المتلازمة تدهورًا تدريجيًا لشبكية العين، وهو ما يؤدي إلى سرعة حركة العينين وحساسية مفرطة تجاه الضوء، ويُطلَق على هذه الحالة “الرهاب الضوئي”.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ولكن يجب أن نعلم مراحل تطور هذه الحالة حتى يمكننا التعامل معها، إذ يُلاحَظ ضعف النظر التدريجي في مرحلة الطفولة المبكرة، وقد يفقد المريض بصره بالكامل في مرحلة المراهقة أو الشباب.
فقدان السمع
تُلاحَظ هذه المشكلة غالبًا في أول عشر سنوات من عمر الطفل، ويُطلَق على هذه الحالة مصطلح “فقدان السمع الحسي العصبي”.
يعاني المريض ضعف الأعصاب السمعية، وهو ما يسبب صعوبة وصول المعلومات إلى الدماغ.
لذلك يُفضَّل إجراء اختبارات السمع بانتظام للأطفال المصابين بهذه المتلازمة للسيطرة على تدهور السمع، ويوصي الطبيب في بعض الحالات بإجراء عملية زراعة القوقعة.
أمراض القلب
قد تؤدي هذه المتلازمة إلى تضخم عضلة القلب، وتظهر هذه المشكلة في مرحلة الطفولة أو البلوغ، وفيها يصعب على القلب ضخ الدَّم إلى جميع أجزاء الجسم.
وفي بعض الحالات، يتراكم الدَّم في الرئتين ويسبب ضعف التنفس، وقد تتورم القدمان أو الساقان، لذلك يُفضَّل مراقبة وظائف القلب لدى الأطفال المصابين بهذه المتلازمة.
صعوبة التعلم
كما ذكرنا سابقًا، يعاني الطفل المصاب بمتلازمة الستروم ضعف البصر أو السمع، لذا فمن المتوقع أن يواجه صعوبة في التعلم والتواصل مع الآخرين.
السمنة المفرطة
يحتاج الشخص المصاب بهذه المتلازمة إلى قدر أقل من الطاقة مقارنة بالأشخاص الطبيعيين، لذا يكون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة المفرطة.
داء السكري
قد تظهر أعراض داء السكري من النوع الثاني في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ومنها: الجوع الشديد، والعطش المستمر، والتبول المفرط.
والسبب أن المريض يعاني غالبًا مقاومة الأنسولين، لذا فهو لا يحتاج إلى استخدام الأنسولين للعلاج، ولكنه يحتاج إلى اتباع نظام غذائي منخفض السعرات.
لذلك يُفضَّل ممارسة الرياضة بانتظام، ولكن يجب أن يطلب المريض مساعدة مدرب متخصص، لأنه قد يواجه صعوبة بسبب ضعف السمع والبصر.
أمراض الكبد والكلى
عادة ما تؤثر هذه المتلازمة سلبًا في وظائف الكبد والكلى، وربما تؤدي إلى الفشل الكلوي. لذا يجب إجراء الفحوص الطبية باستمرار، لتجنب تدهور الحالة الصحية للمريض.
الشواك الأسود
قد يُصاب المريض باضطراب جلدي نادر يُسمَّى “الشواك الأسود – Acanthosis nigricans”.
وتتميز هذه الحالة النادرة بزيادة تصبُّغ وسماكة مناطق معينة من الجسم، مثل: الرقبة، والمرفقين، وتحت الذراعين.
مشكلات صحية أخرى
توجَد بعض المشكلات الصحية الأخرى الناتجة عن الإصابة بمتلازمة ستروم، مثل:
- اضطرابات الجهاز الهضمي.
- صعوبة التنفس.
- انحناء العمود الفقري.
- ارتفاع ضغط الدَّم.
- ارتفاع نسبة الدهون في الجسم.
- قصر القامة.
ما الأسباب الكامنة وراء متلازمة الستروم؟
بعد أن تحدثنا عن الأعراض المميزة لهذه المتلازمة النادرة، وتعرفنا إلى مدى خطورتها، يجب أن نوضح الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بها.
أثبتت بعض الأبحاث أن الطفرات الجينية هي السبب الأساسي للإصابة بمتلازمة الستروم، إذ اكتشف الأطباء طفرة في الجين (ALMS1) لدى الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة.
اهتم الأطباء بدراسة هذا الجين، لأنه يؤدي دورًا هامًا في الكثير من وظائف الجسم، مثل:
- تنظيم طاقة الجسم.
- التحكم في الشهية.
- الأيض.
تشخيص متلازمة الستروم

يعتمد تشخيص هذه المتلازمة على ملاحظة بعض الأعراض السريرية الشائعة، ومنها:
- ضعف السمع الحسي.
- السمنة.
- داء السكري من النوع الثاني.
- أمراض الكبد والكلى.
- اعتلال عضلة القلب.
تؤثر هذه المتلازمة في الكثير من وظائف الجسم، لذا يوصي الطبيب بإجراء فحص شامل للجسم لمعرفة حالة القلب، والكلى، والغدد الصماء.
وبعد أن تعرفنا إلى مدى خطورة هذه المتلازمة، يجب أن نعلم أن التشخيص المبكر يمنع تدهور حالة المريض.
لذا ينبغي عدم تجاهل الأعراض، والذهاب إلى الطبيب لتحديد نوع العلاج الذي يتناسب مع الحالة الصحية للمريض.
علاج متلازمة الستروم
لا يوجَد علاج محدَّد لهذه المتلازمة، إذ تختلف أعراضها من شخص لآخر، بالإضافة إلى أنها تؤثر في الكثير من أجزاء الجسم.
ولكن توجَد عدة أساليب -يستخدمها الطبيب في علاج متلازمة الستروم- للسيطرة على الأعراض، وتجنب تدهور الحالة الصحية والنفسية للمريض، نذكر منها:
- استخدام سماعات الأذن.
- استخدام النظارات التي تساعد المريض على التحكم في أعراض الرهاب الضوئي.
- أدوية علاج القلب، مثل: الديجوكسين، والفورسمايد.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن للتحكم في الوزن، والسيطرة على أعراض داء السكري من النوع الثاني.
- ممارسة الرياضة بانتظام، إذ تساعد التمارين الرياضية البسيطة على تحسين الحالة الصحية والنفسية للمريض، وتجنِّبه العزلة والإصابة بالاكتئاب المزمن.
هل توجَد اضطرابات تشبه متلازمة الستروم؟

في بعض الحالات، يصعب على الطبيب تشخيص حالة المريض، إذ توجَد بعض الاضطرابات الوراثية التي تتشابه أعراضها مع أعراض “متلازمة الستروم”، ومنها:
متلازمة بارديت بيدل (Bardet-Biedl)
متلازمة بارديت بيدل هي اضطراب وراثي نادر، يتميز بالأعراض التالية:
- صعوبات التعلم.
- تدهور الخلايا الموجودة في شبكية العين، وهو ما قد يؤدي إلى الإصابة بالعمى مع مرور الوقت.
- تراكم الدهون في منطقة البطن والصدر.
- أمراض الكلى.
متلازمة أوشر (Usher syndrome)
تتميز متلازمة أوشر بضعف قدرة الأعصاب السمعية على نقل المعلومات الحسية إلى الدماغ، وهو ما يطلَق عليه “ضعف السمع الحسي”.
ويعَدُّ التهاب الشبكية أحد الأعراض المميزة لهذه المتلازمة، وهو ما قد يسبب فقدان البصر التدريجي.
اضطراب ليبر الخِلقي (Leber congenital amaurosis)
يؤثر اضطراب ليبر الخلقي في العين، وعادة ما يكون الرضيع أعمى عند الولادة أو يفقد بصره في السنوات الأولى من عمره.
وتوجَد بعض الأعراض المميزة لهذا الاضطراب، من أهمها:
- سرعة حركة العينين.
- حساسية شديدة للضوء “الرهاب الضوئي”.
- فقدان السمع.
- الإعاقة العقلية التي تؤدي إلى صعوبة اكتساب المهارات.
- إعتام عدسة العين.
أمراض الميتوكوندريا (Mitochondrial disorders)
أمراض الميتوكوندريا هي مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تؤثر في أحد المكونات -داخل الخلية- المسؤولة عن توليد الطاقة (الميتوكوندريا).
تتسبب هذه الاضطرابات في عدم قدرة الميتوكوندريا على هدم الغذاء وإنتاج الطاقة، وهو ما يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض، مثل:
- فقدان السمع الحسي.
- اعتلال عضلة القلب.
- تشوهات الرؤية.
- البول السكري.
بعد أن تحدثنا عن الاضطرابات التي تتشابه مع متلازمة الستروم، قد تشعر بالقلق والخوف من عدم قدرة الطبيب على تشخيص حالتك إذا كنتَ مصابًا بها.
ولكن يجب أن تعلم أن الأمر يعتمد على اختيار الطبيب المناسب الذي يستطيع تشخيص هذه المتلازمة، ويساعدك على التحكم في حدة الأعراض التي تشعر بها.