مراحل النوم الثلاثة

أجلس على مكتبي وقد دقت الساعة السابعة صباحًا، فقد كان لدي عمل يتطلب مني إنهاءه في أسرع وقت؛ لذلك لم أنم منذ البارحة.
وقد كنت أُمني نفسي بتلك النومة المريحة التي سأنامها فور انتهائي منه، لكن للأسف لم يسر الأمر كما توقعته؛ فلم تكن النومة مريحة كما كنت أتخيل!
فقد راودتني كوابيس مرعبة، وعند استيقاظي تملكني صداع شديد، وسيطرت الكآبة على بقية يومي.
في هذا المقال سنتحدث -عزيزي القارئ- عن النوم، وأهميته، ومراحل النوم الثلاثة، وماذا يحدث عندما لا نحصل على القدر الكافي من النوم.
وأيضًا سنتطرق لبعض النصائح من أجل نوم هنيء.
تعريف النوم
النوم هو حالة فسيولوجية طبيعية لدى الكائنات الحية، يقل فيها الشعور بالمحفزات المحيطة. وتنظم عملية النوم عن طريق الخلايا العصبية، التي تقوم بإيقاف نظام الإيقاظ؛ مما يسمح للمخ بالاستجابة للنوم.
مراحل النوم الثلاثة
ينقسم النوم إلى قسمين: النوم بحركة العين السريعة، والنوم بحركة العين غير السريعة. فالإنسان ينتقل في نومه بينهما، إذ يتكرران أكثر من مرة في أثناء النوم.
مراحل النوم وأوقاتها
أولًا: مرحلة النوم بحركة العين غير السريعة (NREM)
وتشمل مراحل النوم الثلاثة، وهي:
المرحلة الأولى (مرحلة النعاس):
تحدث تلك المرحلة عندما تبدأ في النوم، وتستمر لدقائق معدودة. ويحدث في أثناء تلك المرحلة:
– تباطؤ حركة العين ونبضات القلب والتنفس.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
– تبدأ العضلات في الارتخاء.
– يبدأ الدماغ في إنتاج موجات (ألفا) و(ثيتا).
المرحلة الثانية (مرحلة النوم الخفيف):
تستمر حوالي 25 دقيقة. ويحدث فيها أثنائها ما يلي:
– مزيد من التباطؤ في نبضات القلب والتنفس.
– توقف حركة العين.
– انخفاض درجة حرارة الجسم.
– ارتفاع موجات الدماغ وانخفاضها.
المرحلة الثالثة (مرحلة النوم العميق):
تعرف تلك المرحلة باسم “نوم الموجة البطيئة” أو “نوم دلتا”، وفي هذه المرحلة يقوم الجسم بمجموعة من المهام المهمة لتحسين الصحة.
يحدث في أثناء تلك المرحلة ما يلي:
– صعوبة اليقظة من النوم حتى وإن كانت هناك ضوضاء عالية.
– أقل معدل لضربات القلب والتنفس.
– توقف حركة العين.
– ارتخاء كامل للجسم.
– ظهور موجة الدماغ (دلتا).
– إصلاح الأنسجة ونموها.
– تجدد الخلايا.
– تقوية الجهاز المناعي.
ثانيًا: مرحلة النوم بحركة العين السريعة (REM)
وتعرف بمرحلة الأحلام، وتبدأ تلك المرحلة بعد 90 دقيقة من النوم. وتستمر حوالي 10 دقائق في البداية، وتزداد تدريجيًا مع كل دورة، وقد تستمر في الدورة الأخيرة من النوم لمدة ساعة.
تمثل 20-25% من فترة النوم الكلية.
ويحدث فيها الآتي:
– سرعة حركة العينين.
– زيادة معدل ضربات القلب والتنفس.
– شلل مؤقت في عضلات الأطراف، وأحيانًا قد يحدث تشنجات.
– زيادة نشاط الدماغ.

أهمية النوم
لا شك أن النوم من الاحتياجات الأساسية لكل إنسان، فهو يحتاج إليه حاجته إلى الطعام والشراب.
إن الحصول على قدر كافٍ من النوم الصحي؛ يمكن أن يساعد في:
- تجديد الخلايا:
إذ يساعد النوم على إصلاح العضلات، ونمو الأنسجة، وإنتاج البروتين، وإفراز الهرمونات.
- تحسين وظائف الدماغ:
فالنوم الجيد قد يساعد في تحسين الذاكرة، ومهارات حل المشكلات.
- تقوية المناعة:
ففي أثناء النوم يقوم الجسم بإنتاج “السيتوكينات”، وهي بروتينات تحارب العدوى والالتهاب.
- تحسين الحالة المزاجية، والوقاية من الاكتئاب.
- الحفاظ على الوزن وتنظيم الشهية.
- تنظيم مستويات السكر في الدم.
- الوقاية من أمراض القلب.
- الحفاظ على نضارة الجلد.
عدد ساعات النوم الصحي
- حديثو الولادة من عمر يوم إلى 3 شهور:
يحتاجون من 14 إلى 17 ساعة من النوم يوميًا.
- الأطفال من عمر 4 شهور إلى 11 شهر:
يحتاجون من 12 إلى 15 ساعة من النوم يوميًا.
- الأطفال من عمر سنة إلى سنتين:
يحتاجون من 11 إلى 14 ساعة من النوم يوميًا.
- الأطفال من عمر 3 سنوات إلى 5 سنوات:
يحتاجون من 10 إلى 13 ساعة من النوم يوميًا.
- الأطفال من عمر 6 سنوات إلى 13 سنة:
يحتاجون من 9 إلى 11 ساعة من النوم يوميًا.
- المراهقون من 14 سنة إلى 17 سنة:
يحتاجون من 8 إلى 10 ساعات من النوم يوميًا.
- البالغون من 18 سنة إلى 64 سنة:
يحتاجون من 7 إلى 9 ساعات من النوم يوميًا.
- كبار السن من عمر 65 سنة فما فوق:
يحتاجون من 7 إلى 8 ساعات من النوم يوميًا.

قلة النوم
إن النوم يشبه تلك المحطة التي تتوقف فيها للتزود بالوقود الذي يمكنك من الاستمرار في طريقك.
فنحن ننام لكي نصبح أكثر نشاطًا وحيوية في اليوم التالي؛ مما يمكننا من أداء مهامنا اليومية بنجاح.
لذلك فعدم النوم قد يؤثر سلبًا على أجهزة الجسم المختلفة.
الجهاز العصبي
تؤدي قلة النوم إلى صعوبة في تذكر المعلومات الجديدة، وفقدان التركيز، وتقلب الحالة المزاجية، وصعوبة في اتخاذ القرارات.
الجهاز الهضمي
تؤدي قلة النوم إلى زيادة إفراز هرمون “الجريلين” المنبه للشهية، وقلة إفراز هرمون “اللبتين” المسبب للشبع؛ مما يزيد من تناولك للطعام، وبالتالي يؤدي إلى زيادة الوزن.
جهاز المناعة
قلة النوم تمنع الجسم من إنتاج “السيتوكينات”؛ مما يجعل الجسم يأخذ وقتًا أطول للتعافي من الأمراض.
الجهاز التنفسي
قد تسبب قلة النوم الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، مثل: الرشح والإنفلونزا.
إنتاج الهرمونات
فإنتاج الهرمونات يعتمد على النوم. فمثلًا إنتاج “التستوستيرون” يحتاج على الأقل 3 ساعات من النوم المتواصل.
وأيضًا قد تؤثر قلة النوم في إنتاج “هرمون النمو” عند الأطفال والمراهقين، وهو هرمون مهم لبناء الكتلة العضلية، وإصلاح الخلايا والأنسجة. ومع أن الغدة النخامية تفرزه خلال اليوم إلا أن النوم الصحي يزيد من معدل إفرازه.
القلب والأوعية الدموية
يساعد النوم على شفاء الأوعية الدموية وإصلاحها، وأيضًا يحافظ على مستوى ضغط الدم ومستوى السكر. لذلك؛ فإن قلة النوم قد تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكري.

نصائح للحصول على نوم عميق وصحي
إن النوم المريح في الليل مهم كأهمية التمارين المنتظمة والنظام الغذائي الصحي؛ لذلك دعني أقدم لك بعض النصائح لكي تحصل على نوم عميق وصحي:
- حافظ على مواعيد منتظمة للنوم والاستيقاظ، ونم بالقدر الكافي؛ فعدد ساعات النوم الصحي للشخص البالغ تتراوح من 7 إلى 9 ساعات.
- امتنع عن تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين آخر النهار؛ فالكافيين يعمل على تحفيز الجهاز العصبي مما يمنع الجسم من الاسترخاء بشكل طبيعي في الليل.
- امتنع عن مشاهدة التلفاز أو استخدام الهاتف قبل النوم؛ إذ إن الضوء يؤثر في إنتاج هرمون “الميلاتونين”. وهو الهرمون الذي يتحكم في النوم، ويفرزه الجسم في الأماكن المظلمة.
- خذ حمامًا دافئًا قبل النوم بساعة ونصف أو ضع قدميك في ماء ساخن؛ فهذا يساعدك في الاسترخاء والنوم بعمق.
- امتنع عن الأكل متأخرًا؛ فأكل وجبة ثقيلة قبل النوم قد يحرمك من النوم المريح. لكن يمكنك تناول بعض الأشياء الخفيفة، مثل: الحبوب مع اللبن.
ومع ذلك امتنع عن تناول أي شيء قبل ساعة من النوم.
الآن، وبعد أن تعرفت إلى مراحل النوم الثلاثة وعلى أهمية النوم، ربما حان وقت البدء في روتين يومي للحصول على نوم مريح؛ لكي تكون أكثر نشاطًا وإنتاجية.
بقلم د/ نورهان إبراهيم