مرض الذهان – عندما تفقد الاتصال بالعالم

العالم يتآمر ضدي!
هناك من يرسل لي رسائل سرية عبر التلفاز!
أين أنتِ يا أمي… أسمع صوتك… لماذا تصرخين علي؟
ضلالات… هلاوس… انفصال عن العالم
هذا ما يعانيه مريض الذهان، فهو اضطراب نفسي شديد وخطير؛ فقد يؤذي المريض نفسه أو الآخرين.
سنتحدث في هذا المقال عن مرض الذهان وأسبابه وأعراضه وطرق علاجه، وسنتطرق إلى مرض الذهان الاكتئابي والفرق بين الذهان والفصام، كما سنعرف هل يشفى مرض الذهان أم لا؟
قبل أن نعرف ما هو مرض الذهان؟ هناك بعض الحقائق التي يجب معرفتها أولًا.
حقائق عن مرض الذهان
هناك نقاط هامة يجب معرفتها، وهي:
- هو ليس مرضًا بحد ذاته، ولكنه عرض.
- أكثر الضلالات شيوعًا عند المريض هي اعتقاده أنه شخصية هامة.
- يعطي التشخيص المبكر للذهان نتائج مذهلة على المدى الطويل.
ما هو مرض الذهان؟
يُطلق هذا المصطلح على الاضطرابات النفسية التي تؤثر على العقل؛ إذ ينفصل المريض عن الواقع.
يعد الذهان عرضًا وليس مرضًا، وينشأ نتيجة بعض الأمراض العقلية مثل الفصام والاكتئاب ثنائي القطب، أو الأمراض الجسدية مثل الأورام الدماغية أو السكتة الدماغية، أو تعاطي المخدرات والكحول، أو الإجهاد الشديد أو الصدمة.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
يعاني المريض من الضلالات والهلاوس، كما يواجه صعوبة في التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي.

يعاني مريض الذهان أيضًا من الكلام غير المتسق والأفكار غير المنظمة والسلوكيات غير المناسبة.
كما قد يعاني المريض بأعراض ذهانية من الاكتئاب والقلق، وكذلك من مشاكل في النوم والانسحاب الاجتماعي ونقص الحافز، كما يواجه صعوبة في العمل.
أعراض اضطراب الذهان
تختلف الأعراض من شخص لآخر؛ وفقًا لظروفه وتجاربه الخاصة، ولكن هناك ثلاثة أعراض رئيسية، وهي:
- الهلاوس.
- الضلالات.
- الأفكار المضطربة.
تشمل الأعراض الأخرى ما يلي:
- صعوبة في التركيز.
- الاكتئاب.
- مشاكل في النوم، مثل: النوم الكثير أو عدم النوم.
- القلق.
- الشعور بالارتياب.
- الانسحاب الاجتماعي.
- الكلام غير المنظم.
- تقلب المزاج.
- أفكار انتحارية أو الإقدام على الانتحار.
لنتحدث الآن عن الأعراض الرئيسية للذهان:
- الهلاوس
هي أن يرى المريض أو يسمع أو يشم أو يتذوق أو يشعر بأشياء غير موجودة في الواقع، ولكنه يشعر بأنها حقيقية.

تعد الهلاوس السمعية هي الأكثر شيوعًا.
- الضلالات
هي الاعتقادات الخاطئة أو الانطباعات الراسخة في عقل المريض على الرغم من تناقضها مع الواقع، وتشمل:
- وهم الاضطهاد أو جنون الارتياب
يشعر المريض بوهم الاضطهاد بأن هناك من يلاحقه ويتآمر ضده ليلحق به الأذى.
- توهم العظمة أو جنون العظمة
يشعر المريض باضطراب جنون العظمة بإحساس مبالغ فيه من الأهمية، ويؤمن بعظمته وذكائه الخارق.
- الوهم الجسدي
يعتقد المريض بالوهم الجسدي بأنه مصاب بمرض عضال، ولكنه في الواقع يتمتع بصحة جيدة.

- الأفكار المضطربة والمشوشة
يعاني مريض الذهان من الأفكار المضطربة والمشوشة، ولذا فإنه:
- يتحدث بسرعة.
- يتحدث بطريقة مضطربة؛ إذ يقفز من موضوع لآخر دون مقدمات.
- قد يتوقف عن التحدث فجأة إثر انقطاع تسلسل أفكاره.
أسباب مرض الذهان
لا يوجد سبب محدد للإصابة به، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد خطر الإصابة، ونذكر منها:
الحالات النفسية
يمكن أن تحفز بعض الحالات النفسية من ظهور الذهان، مثل:
- الفصام: وهو مرضٌ عقلي يسبب الشعور ببعض الهلاوس والضلالات.
- الاضطراب الوجداني ثنائي القطب: وهو اضطرابٌ عقلي يتسبب في الشعور بتقلبات مزاجية شديدة، وتنقسم إلى نوباتٍ من الاكتئاب ونوباتٍ من الهوس.
- التوتر العصبي والقلق الشديد.
- الاكتئاب والشعور بالحزن والضيق الشديد إثر فقدان شخصٍ عزيز أو التعرض لأحد الصدمات الشديدة.
- قلة النوم.
الحالات المرضية
يمكن أن تحفز بعض الحالات المرضية ظهور مرض الذهان، منها:
- الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري أو متلازمة نقص المناعة المكتسبة أو ما يُعرف بالإيدز.
- المالاريا.
- مرض الزهري.
- مرض الزهايمر.
- مرض الشلل الرعاش.
- انخفاض سكر الدم غير الطبيعي.
- التصلب الشرياني المتعدد.
- الإصابة بأورام المخ.
تعاطي المخدرات والكحول
إن تعاطي المخدرات والكحول يمكن أن يحفز النوبات الذهانية، هذا بالإضافة إلى احتمالية ظهورها من ضمن أعراض انسحاب هذه المواد.
إليك بعض أنواع تلك المواد المخدرة:
- الكوكايين.
- الأمفيتامينات.
- الحشيش.
- الكيتامين.
يمكن أن تظهر بعض أعراض الذهان كأحد الأعراض الجانبية لبعض الأدوية، لكن هذا يحدث في حالاتٍ نادرة، لكن -في كل حال- لا تتوقف عن تناول الدواء ما لم يخبرك الطبيب.
العوامل الجينية والوراثية
قد ينشأ مرض الذهان بسبب أحد العوامل الوراثية من العائلة.
يمكن أن يكون الذهان أيضًا عرضًا لبعض الاضطرابات النفسية مثل: الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب.
أنواع مرض الذهان
تشمل أنواع الاضطرابات الذهانية ما يلي:
- الاضطراب الذهاني الوجيز
يحدث الاضطراب الذهاني الوجيز خلال فترات الضغط النفسي الشديد التي قد يتعرض لها المصاب إثر وفاة عزيز أو التعرض لصدمة عنيفة.
قد يستغرق الأمر بضعة أيام أو عدة أسابيع حتى يتعافى المريض.
- ذهان مرتبط بتعاطي المخدرات أو الكحول
يسبب تعاطي الكحول أو المخدرات مثل الميثامفيتامين والكوكايين أو الإقلاع المفاجئ عنها أعراضًا ذهانية.
يرى مستخدمو أدوية الهلوسة -مثل إل إس دي- أشياء غير موجودة في الواقع، ولكن يعد هذا التأثير مؤقتًا.
قد تسبب بعض الأدوية مثل: المنشطات والأدوية المنبهة أعراضًا ذهانية.
- ذهان عضوي
يمكن أن تؤدي الإصابة في الرأس إلى ظهور أعراض ذهانية، وكذلك العدوى أو الأمراض التي تؤثر على الدماغ.
الاضطرابات الذهانية
هي الاضطرابات النفسية التي تسبب أعراضًا ذهانية، وتشمل:
- اضطراب ثنائي القطب
يعاني مريض الاضطراب ثنائي القطب من تقلبات مزاجية شديدة، إذ يتأرجح مزاجه بين الهوس والاكتئاب.
تعد الأعراض الذهانية أكثر شيوعًا في حالات الهوس.
- الاضطراب الضلالي
يؤمن المصاب بالاضطراب التوهمي باعتقادات راسخة في عقله لا يمكن زعزعتها أو تغييرها رغم تناقضها مع الواقع.

- مرض الذهان الاكتئابي
يعد مرض الذهان الاكتئابي اكتئابًا شديدًا وتصاحبه أعراض ذهانية.
- الفصام
يعد الفصام اضطرابًا عقليًا شديدًا، لا يستطيع مريض الفصام أن يميز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي.
قد يتشابه كل من الفصام والذهان ويصعب التمييز بينهما، دعنا في السطور القليلة القادمة نوجز الفرق بين الذهان والفصام.
مضاعفات مرض الذهان
- إن الأشخاص المصابين بالذهان هم أكثر عرضة لتعاطي المواد المخدرة لما لها من أثرٍ مخفف للأعراض، رغم أنها قد تزيد الأعراض سوءً على المدى الطويل.
- ظهور ميولٍ انتحارية في فترةٍ ما من حياة المصاب.
- الرغبة في إيذاء النفس بسبب الشعور بالخزي والذنب لما يفعل والطريقة التي يتصرف بها.
- ظهور بعض الأعراض الجانبية لمضادات الذهان، منها: زيادة الوزن.
الفرق بين مرض الذهان والفصام
يعد الذهان عرضًا للعديد من الاضطرابات النفسية ومنها الفصام والاضطراب ثنائي القطب كما سبق وذكرنا.
لكن الفصام هو اضطراب عقلي شديد يسبب العديد من الأعراض، ويعد الذهان واحدًا منها.
لمعرفة المزيد عن الفصام أو الشيزوفرينيا، اقرأ هذا المقال شيزوفرينيا | مرض الهلاوس والأوهام
التشخيص
يُشخَّص الاضطراب الذهاني من خلال إجراء تقييم نفسي للمريض؛ إذ يراقب الطبيب سلوك المريض، ويطرح عليه أسئلة لمعرفة أفكاره.
إليك بعض الأمثلة التي يطرحها الطبيب:
- هل يتناول المريض أي أدوية؟
- هل يتعاطى المريض أي نوعٍ من المخدرات أو الكحول؟
- كيف كانت حالة المريض النفسية في الفترة الأخيرة؟ هل يعاني من اكتئاب أو حزن أو تعرض لأحد الصدمات؟
- كيف حال الأنشطة اليومية سواءً في العمل أو المدرسة أو غيرهما؟
- هل يوجد أي تاريخ عائلي للإصابة بأحد الأمراض العقلية، مثل: الفصام؟
- هل يعاني المريض من هلاوس سابقة؟
- ما هي تفاصيل هذه الهلاوس والضلالات؟
- هل يعاني المريض من أي أعراضٍ أخرى؟
تُجرى بعد ذلك بعض الفحوص الطبية لاستبعاد المشاكل الطبية الأخرى.
التشخيص المبكر
قد تظهر بعض الأعراض في سنٍ مبكرة، مثل: في بدايات مرحلة البلوغ، والذي يساعد بشدة في التحكم في الحالة وأعراضها فيما بعد.
التحاليل التشخيصية
يمكن أن يطلب الطبيب إجراء بعض التحاليل، منها:
- تحاليل المخدرات والكحول.
- بعض الأشعة على الرأس لتحديد ما إذا وُجدت إصابة في الدماغ.
تضم هذه التحاليل والأشعة ما يلي:
- تحاليل الدم.
- تحاليل البول.
- مقياس كهربية المخ.
الوقاية من الذهان
لا يمكن الوقاية من مرض الذهان بشكلٍ قاطع، ولكن يمكن أن يُسيطر على الأعراض إذا اُكتشف الأمر في وقتٍ مبكر.
هذا بالإضافة إلى أن العلاج الدوائي والنفسي والعلاج السلوكي المعرفي يمكن أن يحسن الحالة بشكلٍ كبير.
هل يشفى مرض الذهان ؟
يعد الذهان عرضًا لاضطرابات نفسية أخرى، يتوقف الشفاء على حدة الأعراض، ومرحلة اكتشاف الاضطراب الذهاني وحدته.
يوصى مرضى الفصام بتناول مضادات الذهان على المدى الطويل وربما طوال حياتهم، وذلك لتحسين الأعراض.
بينما يتمكن مرضى آخرون من تقليل الجرعة تدريجيا ثم التوقف عن تناول الأدوية تحت الإشراف الطبي، وذلك بعد تحسن أعراضهم.
العلاج
يشمل العلاج مزيجًا من استخدام مضادات الذهان والعلاجات النفسية المناسبة.
- مضادات الذهان
تستخدم مضادات الذهان للتخفيف من الأعراض، وتقلل من الهلاوس والضلالات، كما تساعد المريض على التفكير المنظم.
تستخدم هذه الأدوية تحت الإشراف الطبي، لذا فلا تتوقف فجأة عن الدواء حتى لا تنتكس حالتك وتزداد أعراضك سوءًا.

- العلاج النفسي
أثبت العلاج السلوكي المعرفي قدرته على مساعدة مرضى الاضطرابات الذهانية، إذ يساعدهم على تغيير أفكارهم والتعامل مع أعراضهم بشكل أفضل.
وكذلك فإن الدعم الأسري يقلل من حاجة المريض إلى العلاج في المستشفى.
في بعض الأحيان، يصاب المريض بالهياج ويصعب السيطرة عليه، وقد يعرض نفسه والآخرين للخطر. في هذه الحالة يعطي الطبيب للمريض حقنة سريعة المفعول من أجل تهدئته، ويضطر لإدخاله المستشفى في حالة النوبات الشديدة.
الذهان والانتحار
تشغل الأفكار الانتحارية حيزا كبيرا من تفكير مرضى الاضطرابات الذهانية، ويقدم الكثير منهم على الانتحار.
كلمة أخيرة
إن كنت تعاني أعراضًا ذهانية أو يعاني منها شخص مقرب منك، فلا تتردد في طلب المساعدة.
يصعب على مريض الاضطرابات الذهانية الاعتناء بنفسه، وقد يتعاطى الكحول والمخدرات مما يزيد الأعراض سوءًا، بل وقد يقدم على الانتحار إذا لم يتلقَ العلاج المناسب.
يعطي التشخيص المبكر نتائج مبهرة على المدى الطويل، كما يساعدك العلاج المناسب على تخفيف الأعراض أو الحد منها.