تمُرُّ الأيام والليالي؛ الصباح يعقبه المساء، واليوم يتلوه الآخر، وأنا أعاني آلامًا لا تُحتمَل!
تارةً من العلاج الكيماوي، وتارةً من سرطان العظام الذي ينهش في جسدي، وكأنه يخبرني بأنه لا مجال للتخلص من هذه الآلام!
ما يحميني من الاستسلام للسرطان وآلامه -التي لا تُحتمَل- الطبيب المختص بحالتي، وزملاء رحلة مواجهة السرطان الذين يدعمونني نفسيًا؛ فالمرضى يحكون عن قصص كفاحهم في مواجهة المرض، ويبثون الأمل في المرضى الجدد أمثالي.
والطبيب يشعر بآلام كافة مرضاه، ويعطينا حقنًا مسكنة قوية تمكِّننا من أخذ هدنة من آلام السرطان، ومن أبرز الحقن الأفيونية للسرطان… ميثادون (methadone).
ما هو ميثادون وأهم استخداماته؟
دواء ميثادون يتبع عائلة المواد الأفيونية المستخدَمة في الحالات المتوسطة والشديدة من الآلام الناتجة عن:
- الأمراض المزمنة التي لا يقلُّ الألم المصاحب لها بالمسكنات المعتادة.
- الأمراض المناعية، مثل الروماتويد.
- الأورام السرطانية.
- العمليات الجراحية.
- التعرض لإصابة شديدة ناتجة عن حادث كبير.
يُستخدَم ميثادون أيضًا -في مصر ومعظم البلدان المجاورة- ضمن أدوية معالجة الإدمان، وخاصة الهيروين والمورفين، نظرًا لأمانه في عدم إحداث إدمان أو تعوُّد مثل عائلة الأدوية الأفيونية.
آلية عمل دواء ميثادون (methadone)
يرتبط دواء ميثادون بمستقبلات “ميو” الأفيونية التي تتواجد في المخ والعضلات الطرفية بنسبة كبيرة جدًا.
بينما يرتبط بنسبة أقل بمستقبلات (K) الأفيونية، أي يشبه عمل الإندورفين والإنكفالين بالجسم، ما يفسر دوره القوي في تخفيف الآلام الشديدة، وتقليل الأعراض الجانبية الناتجة عن انسحاب المخدر من الجسم.
الأشكال الدوائية لميثادون
يتوفر ميثادون في مصر في عدة أشكال دوائية، مثل:
- أقراص ميثادون بتركيز خمسة أو عشرة ملليجرامات.
- أقراص قابلة للانتشار عن طريق الفم بتركيز أربعين ملليجرامًا.
- ميثادون شراب بتركيز خمسة أو عشرة ملليجرامات لكل ملليلتر، أو عشرة ملليجرامات للملليلتر الواحد.
- حقن ميثادون بتركيز عشرة ملليجرامات لكل ملليلتر.
الجرعات الدوائية لميثادون (methadone)
لعلاج الآلام المتوسطة إلى الشديدة
من سن ثماني عشرة إلى أربع وستين سنة: الجرعة الأولية ملليجرامان ونصف كل ثماني ساعات أو اثنتي عشرة ساعة، وقد يرفع الطبيب الجرعة الدوائية وفقًا لحالة المريض واستجابته للدواء بعد خمسة أيام من بدء الجرعة.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
لعلاج إدمان المواد الأفيونية
من سن ثماني عشرة حتى أربع وستين سنة: الجرعة الأولى تتراوح من عشرين إلى ثلاثين ملليجرامًا وبعد ساعتين أو ثلاث ساعات، قد يضيف الطبيب جرعة أخرى من خمسة إلى عشرة ملليجرامات، لتصبح الجرعة القصوى المسموح بها في اليوم الأول أربعة ملليجرامات.
في اليوم الثاني والثالث والرابع، يرفع الطبيب الجرعة لتصل إلى عشرين ملليجرامًا ثلاث مرات يوميًا، ثم يقلل الجرعة تدريجيًا مع وضع المريض تحت الملاحظة.
الآثار الجانبية لدواء ميثادون
قد يلاحظ المريض بعض الآثار الجانبية لدواء ميثادون في بداية استخدامه، ومن أكثر الأعراض الجانبية شيوعًا لميثادون:
- التنفس ببطء.
- الأرق.
- اضطراب المعدة.
- التعرق الشديد.
- القيء.
- الإمساك.
- اكتساب وزن زائد.
- مشكلات جنسية تتمثل في فقدان الرغبة وضعف الانتصاب.
- التعرق الشديد.
- الصداع.
- جفاف الفم.
- تقلبات مزاجية.
- مشاكل بالرؤية.
- احمرار الجسم.
الآثار الجانبية الخطيرة لدواء ميثادون
إذا لاحظت -عزيزي القارئ- أيًّا من الأعراض الجانبية الآتية عليك، بادر فورًا بزيارة طبيبك. تلك الأعراض تشمل:
- صعوبة التنفس.
- تشنجات.
- صعوبة البلع.
- تورم الشفاه واللسان والوجه.
- سرعة ضربات القلب.
- آلام الصدر.
- تشوش الذهن والهلوسة.
- الدوار الشديد.
- وجود طفح جلدي.
موانع استخدام ميثادون
ثمة فئات لا يصف لهم الطبيب دواء ميثادون نتيجة لإصابتهم بأمراض تتعارض معه، مثل:
١. أمراض الجهاز التنفسي
لدواء ميثادون عرض جانبي خاص بصعوبة التنفس، لذلك لا يُنصَح أبدًا باستخدامه لمرضى الربو وحساسية الصدر.
٢. أمراض الكبد
يواجه مرضى الكبد صعوبة شديدة في تكسير الدواء وطرده من الجسم، ومن ثَمَّ ترتفع نسبته في الدم مسببًا ظهور آثاره الجانبية بصورة أسرع.
٣. الانسداد المعوي
يسبب الميثادون الإمساك، ويرفع من احتمالية الانسداد المعوي.
٤. الصرع
تزداد احتمالية إصابة مرضى الصرع بنوبات تشنجات عند تناول الدواء.
ولا ينصح الطبيب باستخدام ميثادون للمصابين في الرأس، نتيجة لارتفاع ضغط الدم بالمخ عند تناوله، ما يترتب عليه إصابتهم بمضاعفات قد تؤدي إلى الوفاة.
هل ميثادون آمن للأطفال والكبار فوق ٦٥ عامًا؟
حتى الآن، لا يُنصَح باستخدامه في الأطفال أقل من ١٧ عامًا، وذلك لعدم توافر الأبحاث التي تُثبت أمانه وكفاءته للأطفال.
أما في حالة الكبار فوق ٦٥ عامًا، تقل كفاءة الكلى لديهم بشكل ملحوظ نتيجة لتقدم العمر، فتقل كفاءة إخراج الدواء من الجسم ويظل داخله مدة أطول، ومن ثَمَّ تزداد احتمالية تعرض المرضى لآثاره الجانبية.
في بعض الحالات، يصف الطبيب الميثادون لكبار السن بجرعات قليلة، مع مراعاة كفاءة الكلى والحالة العامة للمريض.
التفاعلات الدوائية لميثادون… احذر من تناول هذه الأدوية مع أقراص ميثادون
١. أدوية تزداد آثارها الجانبية عند تناولها معه
عائلة البنزوديازبين (لورازيبام، كلونازيبام، ألبرازولام)
عند الجمع بينهما، يُصاب المريض بدوار شديد، وإغماء، وفشل تنفسي، وقد يصل الأمر إلى الوفاة. لذلك يُعَدُّ هذا التفاعل من التفاعلات الدوائية الخطيرة.
٢. أدوية تزيد من الآثار الجانبية لميثادون
ذلك نتيجة لتثبيط هذه الأدوية عمليات إخراج الدواء، فيظل في الجسم مدة اطول وتزداد آثاره الجانبية. ومن أبرز هذه الأدوية:
- مضادات الفطريات، مثل: كيتوكونازول، وفوريكونازول، وجينوكونازول.
- مضادات البكتيريا، مثل: كلاريثرومايسين، وإريثرومايسين.
- أدوية الإيدز، مثل: ريتونافير، وإندينافير.
٣. أدوية تتشابه في أعراضها الجانبية مع الميثادون
وهي إمَّا أدوية قد تسبب احتباس البول والانسداد المعوي، ومن أمثلتها:
- مضادات الهيستامين، مثل: دايفنهيدرامين، وهيدروكسيزين.
- أدوية سلس البول، مثل: تولتيرودين، وأوكسيبوتينين.
- مضادات الذهان، مثل: كلوزابين، وأولانزابين.
أو أدوية قد تسبب اضطرابًا بضربات القلب وخللًا بأملاح الجسم، ومنها:
- الأدوية المنظمة لضربات القلب، مثل: كينيدين، وأميودارون.
- مدرات البول، مثل: فوروسيميد، وهيدروكلوروثيازيد.
- الملينات.
٤. أدوية تقلل من كفاءة أقراص ميثادون
وذلك من خلال تنشيط عملية إخراج الدواء من الجسم، ما يترتب عليه مرور المريض بأعراض انسحابية شديدة.
وإليك قائمة بأهم الأدوية المسببة للأعراض الانسحابية للدواء:
- مضادات الصرع، مثل: فينوباربيتال، فينيتوين، كاربامازيبين.
- مضادات البكتيريا، مثل ريفامبين.
- أدوية الإيدز، مثل: نلفينافير، وريتونافير.
ميثادون والحمل والرضاعة
الحمل
لا ينصح الطبيب الحامل باستخدام ميـثادون إلا إذا كانت فائدته تفوق أضراره، وتحديدًا إذا كانت المريضة مدمنة للمواد المخدرة، إذ أثبتت الأبحاث العلمية مرور ميـثادون عبر المشيمة.
استخدام الأم ميثـادون لمدة طويلة في أثناء الحمل يرفع من احتمالية ولادة طفل يعاني الأعراض الانسحابية للدواء، الأمر الذي يهدد حياته.
الرضاعة
أثبتت الأبحاث العلمية مرور الدواء في لبن الأم، مسببًا للطفل الشعور بالنعاس وبطء التنفس.
يتشاور الطبيب مع المريضة حول حالتها الصحية، ويوازن بين فوائد الدواء وأضراره، ثم يخيِّرها بين الرضاعة الطبيعية والاستمرار على الدواء.
بوصولنا لنهاية المقال، نود التحذير من تناول جرعات زائدة عن الجرعة الموصوفة من قِبل الطبيب، بحجة الحصول على أكبر قدر من تسكين الألم؛ فهذه الخطوة تنتج عنها تبعات خطيرة، مثل:
- فقدان القدرة على التحكم بالعضلات.
- ضيق حدقة العين.
- انخفاض ضغط الدم.
- بطء التنفس.
- الإغماء.
- بطء نبضات القلب.
