هتلر والنرجسية| الفوهرر

برلين…
اللحظات الأخيرة!
في الساعات الأولى من الليل، وتحت قصف قوات الحلفاء المتواصل، يتواجد الفوهرر في عرينه السري تحت الأرض ويصرخ قائلًا:
“لقد كان أمرًا، لقد كان أمرًا أيها الملايين! كيف يمكن لكم عصيان أوامري أنا! الكل يكذب عليّ، لا أحد بجواري مطلقًا، أنا بمفردي ومحاط بمجموعة من الجنرالات الخونة والجبناء! عاجزين عن مساعدتي، ملاعين! لا فائدة منهم غير إيقافي عن تحقيق أحلامي، أنا.. كان عليّ شنقهم جميعًا كما فعل (ستالين) مع جنرالاته، أغبياء.. أنا، أنا لم أذهب إلى أي أكاديمية حربية مطلقًا، واستطعت أنا بمفردي غزو قارة أوروبا بأكملها، أوروبا كلها خضعت لسيطرتي أنا، أيها الخونة… آه، لقد خسرت الحرب، انتهى الأمر وأنتم السبب، لكنهم لن يحلموا بأن يقبضوا عليّ، ولن أترك برلين وأهرب، أهون عليّ أن أطلق الرصاص على نفسي على أن يقبضوا عليّ أنا”.
تلك كلمات (الفوهرر) التي تنم عن نفسية مضطربة ونرجسية مطلقة!
إليكم ترياق “جرائم نفسية” حول الجوانب النفسية للفوهرر…
أدولف هتلر.. من رسَّام حالِم إلى ديكتاتور دموي!
(أدولف هتلر) القائد الأعلى للرايخ الثالث، ورئيس الحزب النازي الحاكم لدولة ألمانيا، أحد أقوى الديكتاتوريين وأكثرهم عنفًا ودموية في القرن العشرين، والسبب الرئيسي لقيام الحرب العالمية الثانية من أجل تحقيق حلمه وهوسه في السيطرة على العالم، وجعْل الجنس الآري هو السيد والحاكم لكل بقاع الأرض.
وُلد هتلر في 20 أبريل من عام 1889م في قرية ريفية بسيطة في دولة النمسا، لأب قاس يُدعى (ألويس هتلر) يعمل موظفًا للجمارك، وأم تُدعى (كارلا) تعلَّق بها كثيرًا، ولكنها توفيت في عام 1908م وترك أثر وفاتها في قلبه جرحًا عميقًا وتغييرًا جذريًّا في جوانبه النفسية.
(هتلر) كان يحلم بأن يصبح فنانًا أو رسامًا بمعنى أكثر دقة، وعمل في بيع لوحاته الفنية في شوارع فيينا بالنمسا، وحاول الالتحاق بكلية الفنون الجميلة؛ ولكن سرعان ما رُفض طلبه وانتهت أحلامه الوردية ليتحول عبر سلسلة من التحركات والتخبطات النفسية؛ ما بين مشاركته كجندي مرسال في الحرب العالمية الأولى التي خسرتها ألمانيا والتي شكلت كرهه الشديد لليهود، وسجنه مدة طويلة سياسيًّا، وكتابة سيرته الذاتية في كتابه الشهير “كفاحي”، وتوليه منصب المستشار الأول ورئيس دولة ألمانيا، إلى ذلك الشخص الذي يعرفه الجميع؛ قاتل وسفاح دموي ألقى بالجميع في وحل حرب عالمية ثانية لمجرد إرضاء هوسه وجنون العظمة لديه، ونزعته النرجسية في فرض سيطرته وسيطرة الجنس الآري على الأرض.
دعنا عزيزي القارئ نستعرض في السطور الآتية بعضًا من الجوانب النفسية للفوهرر، ولنعرف نوعية تلك الشخصية السيكوباتية التي غيرت شكل القوى السياسية والاقتصادية في العالم…
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
شخصية أدولف هتلر.. جنون ونرجسية مطلقة
يمكننا تصنيف شخصية الفوهرر بأنها شخصية “العقل المدبر” أو “المهندس المعماري” أو “المخطط البارع” أو ما يُعرف في علم النفس الحديث ب INTJ 3wing4.
لا داعي أبدًا للخوف أو القلق -عزيزي القارئ- من تلك المصطلحات، دعنى أشرح لك تفصيلًا ما هي هوية تلك الاختصارات لنسبر أغوار شخصية الفوهرر ولنعرف كيف كان يفكر ذلك النرجسي.
يمكننا تقسيم مفاتيح شخصيته إلى أربعة محاور، وهي كالآتي:
- الانطوائية | Introversion: هتلر لم يكن من نوعية الجنود أو المحاربين الذين يقفون على الخطوط الأمامية ويستنزفون طاقتهم في تنفيذ الأوامر؛ لا، شخصية هتلر ذات النزعة النرجسية من النوعية الانطوائية التي تشحن طاقتها بمفردها، بعيدًا عن تشتيت ذهنه وفكره في مهاترات ونقاشات مع غيره، فالرأي رأيه أولًا وأخيرًا، وهو من نوعية الأشخاص الجادين ذوي التفكير والتخطيط بعيد المدى.
- الحدس وسرعة البديهة | Intuition: لم يكن أدولف هتلر متحدثًا لبقًا فحسب، بل كان ذا بداهة ومهارة عالية في تشكيل الكلمات وإلقاء الخطابات ذات الشعارات الرنانة، التي تعمل من أجل تحقيق غاياته في السيطرة على مفاتيح الحكم في ألمانيا، وذا مقدرة مذهلة على الإقناع والتأثير في عامة الشعب لتنفيذ مخططاته.
- التفكير والتخطيط | Thinking: مثل الآلة تمامًا، بلا أدنى درجة من درجات المشاعر الإنسانية أو التعاطف، كان هتلر بارعًا في الفهم والتلاعب بما حوله سواء كانوا أصدقاء أو أعداء، من نوعية الأشخاص الذين يستخدمون العقل والمنطق قبل العاطفة، كان قاسيًا وجافًّا في تعاملاته، وفي نفس الوقت يرسم أمامك ابتسامة عريضة وكاريزما متقنة ليجعلك تقع في فخ نرجسيته للوصول إلى هدفه.
- الحكم المنطقي | Judging: المتتبع لسيرة هتلر التصاعدية في سلم القلم السياسي، سيجد أن الفوهرر كان يدرس كل خطوة يتخذها بحرفية متقنة؛ بدءًا من تنظيمه لخطابات الحزب النازي، وحتى وصوله لسدة الحكم وتعيينه مستشارًا للدولة.
تلك النوعية من الأشخاص لديها خطط قصيرة وطويلة المدى يسعون لتحقيقها بالمنطق وبتأن شديد، ويمتازون بالانضباط والتنظيم.
بعد التعرف إلى تفاصيل شخصية الفوهرر، لا بد أنك -عزيزي القارئ- تسأل نفسك سؤالًا مهمًّا، هل كان (هتلر) حقًّا نرجسيًّا ومجنونًا، وما سر تلك النزعة النرجسية لديه؟!
هل (هتلر) حقًّا نرجسي؟
إذا نظرت للأمر بمنطقية، فهتلر لم يكن نرجسيًّا فحسب، بل كان ذا نزعة نرجسية مرضية، تمامًا مثل ورم خبيث يبدأ في موضع بسيط من الجسد وبمرور الوقت يتفشى في باقي جسدك حتى يصبح جزءًا لا يتجزأ من جسمك وحياتك وطريقة تفكيرك وتعاملك.
لقد كان لدى هتلر كم هائل وضخم من العدوانية والغضب الشديد تجاه الآخرين وخصوصًا اليهود، وصُنف أنه من معادي السامية والساعين للقضاء على الجنس البشري أجمع؛ من أجل الحفاظ على سلالة الجنس الآري من أن تتلطخ بجينات البشر الأدنى.
لقد كان وحشًا مرعبًا، مهووسًا بحب الذات، ترى صوره وكلماته في كل أركان الرايخ الثالث، بل من حبه لذاته عيَّن مصوِّرة خاصة له لتصويره في وضعيات مختلفة وبتعابير وجه متغيرة.
هتلر وسيكولوجية الشر الكامن
الفوهرر كان شخصًا سيكوباتيًّا مريضًا بعقل مجنون، ولكنه ذو تفكير حاد ونافذ، يفتقد لمشاعر الحب أو التعاطف، نرجسي من الدرجة الأولى ولا يحب أي نوع من أنواع الاعتراض أو النقاش، كل ذلك يرجع إلى بعض الأسباب أهمها الآتي:
- حلم الطفولة: قارة أوروبا التي يحلم بحكمها، وتلك الأحلام التي دفعته للأمام من أجل السيطرة على العالم، كلها كانت المحرك الرئيسي للنزعة النرجسية لديه من أجل أن يصبح إمبراطورًا لمملكة الرايخ الثالث كما كان يتمنى.
- خسارة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى: كجندي غاضب وحانق على ما ارتُكب في حق دولته واستسلامها غير المشروط، إلى جانب معاهدة فيرساي المُذلة، كلها عوامل شكلت كرهه الشديد للبشر بشكل عام ولليهود بشكل خاص، ودفعت الأنا بداخله للاشتعال من أجل تدخل ألمانيا في حرب أخرى لرد الاعتبار.
- طفولة بائسة وأب قاس: والد هتلر كان شديد القسوة، لا يُرفض له طلب، يؤمر فيطاع، لم يملك أي أصدقاء، وبلا قلب تقريبًا، وكان يضرب ابنه هتلر بالسوط كنوع من أنواع العقاب؛ كل تلك الأمور بالطبع ستجعل من الابن مستقبلًا مجرمًا حتمًا!
ختامًا…
مرت على الإنسانية جمعاء قتلة عظام، ديكتاتوريون دمويون، وغيرهم من المرضى ذوي النزعة الإجرامية، لكن يبقى لشخصية الفوهرر طابع خاص ومميز دونًا عن الباقي.