هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)

إنه يوم الجمعة، موعدنا الأسبوعي مع أبي؛ ليحدثنا عن أحد موضوعات علم النفس.
أبي (د. عادل) واحد من أساتذة علم النفس، وهو عاشق له، وشغوف بأن يشرح لنا الكثير من نظرياته في لقاءات أسبوعية.
وعادة ما يكون اللقاء شائقًا، ونتناقش سويًا فيما يتعلق بتلك النظريات.
- صباح الخير، يا أبي.
- صباح الخير، يا بني.
- ما موضوع لقائنا اليوم؟
- سنتحدث اليوم عن هرم الاحتياجات النفسية، وكيف تحدد سلوك الفرد.
- متشوق جدًا للقاء.
سيتحدث معنا (د. عادل) في هذا المقال عن هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)، وما الحاجات الأساسية للإنسان واحتياجاته النفسية، وسيتطرق أيضًا إلى أهمية هرم ماسلو في التعليم، فهيا بنا.
قبل أن نتحدث عن هرم الحاجات النفسية، لنعرف أولًا من هو “إبراهام ماسلو”؟
أبراهام ماسلو
هو عالم نفس أمريكي، ولد في عام 1908 لأبوين يهوديين مهاجرين، ونشأ وتلقى تعليمه في بروكلين، وتوفي في عام 1970.
اهتم (ماسلو) بدراسة الاحتياجات النفسية للإنسان، وكيف تؤثر في سلوكه، وهو صاحب “نظرية هرم الحاجات النفسية” التي حددت 5 مستويات من الحاجات الأساسية للإنسان واحتياجاته النفسية.
اهتم (ماسلو) بما يجعل الإنسان سعيدًا، وأننا كبشر نسعى إلى تلبية احتياجاتنا الأساسية، مثل: الغذاء والشعور بالأمان والحب والتقدير والاحترام من الآخرين، ثم نتطلع بعد ذلك إلى تحقيق الذات.
هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)
قدم (ماسلو) فكرته الأولى عن هرم الحاجات النفسية عام 1943 في ورقة بحثية عنوانها “نظرية التحفيز البشري”، ثم قدمها في كتابه “الدافع والشخصية”.
يشير هرم ماسلو للاحتياجات النفسية إلى أن الإنسان لديه الدافع لتلبية متطلباته الأساسية قبل تلبية الاحتياجات النفسية الأخرى، وصور (ماسلو) تلك الاحتياجات على شكل تدرج هرمي.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
وتبعًا لتلك النظرية؛ فإنه يجب تلبية الاحتياجات الأدنى في التدرج الهرمي قبل تلبية الاحتياجات الأعلى الأكثر تعقيدًا.
تبعًا لهرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)، هناك 5 مستويات مختلفة من الاحتياجات، وهي بالترتيب من الأسفل إلى الأعلى:
- احتياجات فسيولوجية.
- الأمان والسلامة.
- الاحتياجات الاجتماعية.
- الاحترام والتقدير.
- تحقيق الذات.

مستويات هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)
تقع الحاجات المادية الأساسية في قاعدة هرم ماسلو للاحتياجات النفسية، وكلما تدرجنا للأعلى ظهرت الاحتياجات الأكثر تعقيدًا.
يميل الإنسان إلى تلبية متطلباته الأساسية ذات المستوى الأدنى قبل الانتقال إلى المستوى الأعلى في هرم الحاجات النفسية.
ومع تقدم ما يحققه الإنسان في التدرج الهرمي، فإنه يتطلع إلى الاحتياجات النفسية والاجتماعية الأعلى.
الاحتياجات الفسيولوجية
هي الحاجات الأساسية للإنسان، وتقع في قاعدة هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)، وتشمل الاحتياجات اللازمة لبقائنا على قيد الحياة، مثل:
- الطعام.
- الشراب.
- النوم.
- الهواء.
- المأوى.
أدرج (ماسلو) التكاثر الجنسي في هذا المستوى من هرم الحاجات النفسية؛ لأهميته في بقاء الجنس البشري.
تعد الاحتياجات الفسيولوجية أهم احتياجاتنا، ويجب تلبيتها للبقاء على قيد الحياة.
ووفقًا لـ (ماسلو)، لا يتطلع الإنسان إلى تلبية متطلبات المستوى الأعلى إلا بعد تلبية كل احتياجاته الفسيولوجية التي تضمن بقاءه على قيد الحياة.
احتياجات الأمن والسلامة
بينما ننتقل إلى مستوى أعلى من هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)، تصبح المتطلبات أكثر تعقيدًا.
وهنا يلبي الإنسان احتياجاته إلى الأمن والسلامة؛ لرغبته في أن يكون أكثر سيطرة على حياته.
تشمل احتياجات الأمن والسلامة:
- الاستقرار المادي.
- الصحة والسلامة العامة.
- الأمان من الحوادث والإصابات.
يعد العثور على وظيفة، والحصول على التأمين الطبي والرعاية الصحية، والانتقال إلى منزل أكثر أمانًا؛ متطلبات نسعى لتحقيقها إشباعًا لاحتياجات هذا المستوى.
تشكل الاحتياجات الفسيولوجية واحتياجات الأمن والسلامة معًا “الاحتياجات الأساسية للإنسان”.
الاحتياجات الاجتماعية
تمثل المستوى الثالث في هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو). وهنا يلبي الإنسان احتياجاته الاجتماعية والعاطفية، وهو ما ينعكس على سلوكه، فمن الطبيعي أن يطمح الإنسان إلى الشعور بالحب والقبول من قِبَل الآخرين.

وتشمل المتطلبات التي تشبع الاحتياجات الاجتماعية للإنسان ما يلي:
- الزواج وبناء أسرة.
- الصداقات.
- الأنشطة الاجتماعية.
يشبع الإنسان احتياجات هذا المستوى بالانتماء إلى مجموعة أكبر، ويصبح جزءًا منها؛ ليتجنب الشعور بالوحدة، وهو ما يؤدي إلى إصابته بالقلق أو الاكتئاب.
احتياجات التقدير والاحترام
عندما يشبع الإنسان احتياجات المستويات الثلاث الأدنى من هرم الاحتياجات النفسية، يتجه سلوكه إلى تلبية احتياجاته من التقدير والاحترام.
وتشتمل احتياجات هذا المستوى على عنصرين أساسيين:
- الشعور بالثقة بالنفس، والرضا عن الإنجازات التي يحققها الإنسان.
- الشعور باحترام الآخرين وتقديرهم.
يشعر الإنسان بالثقة وتقدير الذات عندما تُلبَّى احتياجاته من التقدير والاحترام، ويرى أن إنجازاته ونجاحاته قَيِّمة ومهمة ويقدِّرها الآخرون.
يطغى على الإنسان الشعور بالدونية عندما لا يتمكن من تلبية احتياجاته من الاحترام والتقدير.
احتياجات تحقيق الذات
تمثل قمة هرم ماسلو للاحتياجات النفسية، ويرتبط تحقيق الذات بإدراك الإنسان لقدراته الكاملة وإمكاناته واستغلالها على الوجه الأمثل.
ويسعى الإنسان في هذا المستوى أن يصبح الصورة الأفضل من نفسه.
وتظهر الحاجة إلى تحقيق الذات بطرق مختلفة، نذكر منها:
- التعليم المستمر.
- اكتساب المهارات.
- استغلال المهارات والمواهب.
- السعي وراء تحقيق الأحلام.
- تطوير الذات.
وتختلف طبيعة تلك الاحتياجات باختلاف طبائعنا وظروفنا؛ فهناك من يسعى لأن يكون أفضل أب أو أفضل صديق، وهناك من يسعى إلى الثراء، وآخر يسعى خلف الشهرة…
ولهذا تؤثر تلك الاحتياجات التي يريد الإنسان تحقيقها في سلوكه.
احتياجات النقص مقابل احتياجات النمو
قسَّم (ماسلو) هرم الاحتياجات النفسية إلى نوعين:
- احتياجات النقص.
- احتياجات النمو.
يرى (ماسلو) أن الاحتياجات تشبه الغرائز؛ فهي تحفز السلوك وتغير الدافع بما يتناسب معها؛ فكلما أشبع الإنسان احتياجات النمو، زاد الدافع لديه لتلبية المزيد منها، بينما يقل الدافع بعد إشباع احتياجات النقص.
تتعلق احتياجات النقص بالمستويات الأربعة الأولى في هرم الاحتياجات النفسية.
وهي تنشأ من رغبة الإنسان في تلبية أوجه القصور والحرمان في حياته والحصول عما ينقصه، وعندما يمتلك الإنسان تلك الاحتياجات؛ يقل لديه الدافع للحصول عليها.
بينما تتعلق احتياجات النمو بالمستوى الخامس من التدرج الهرمي، وهي تنشأ من رغبتنا في أن نكون أفضل.
وعندما يلبي الإنسان تلك الاحتياجات؛ يزداد لديه الحافز لأن يكون أفضل.
هرم ماسلو في التعليم
من المؤكد أنك تتساءل الآن: كيف يمكن تطبيق هرم ماسلو في التعليم؟
وفقًا لهرم الاحتياجات النفسية، ينبغي للمعلم أن يساعد التلاميذ على إشباع احتياجاتهم الأساسية أولًا قبل تلبية الاحتياجات المعرفية لديهم.

على سبيل المثال:
سيجد التلميذ الجائع أو المتعب صعوبة في التركيز على التعلم، ويحتاج التلاميذ أيضًا إلى الشعور بالأمان والاحترام والتقدير وتقبل الآخرين لهم داخل الفصل الدراسي؛ وذلك للتقدم والوصول إلى إمكاناتهم الكاملة واستغلال قدراتهم ومهاراتهم لتطوير أنفسهم.
اقترح (ماسلو) أنه يجب على المعلم أن يظهر الاحترام والتقدير تجاه التلاميذ في الفصل، وأن يخلق بيئة داعمة لهم؛ فلن يتقدم التلاميذ الذين يشعرون بالدونية وعدم احترام الذات في دراستهم.
ويرى (ماسلو) أيضًا أن التعليم يجب أن يساعد التلميذ على تطوير نفسه ومهاراته، وأن يقدم للمجتمع أفرادًا أكثر قوة وصحة وثقة بالنفس وقدرة على تحقيق الذات، وهو ما ينعكس أثره في المجتمع فيما بعد.
انتقادات نظرية هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)
تعرضت تلك النظرية لبعض الانتقادات، منها:
- لم تتمكن معظم الأبحاث من دعم فكرة (ماسلو) في التسلسل الهرمي للاحتياجات.
- يصعب اختبار تلك النظرية؛ إذ يصعب -مثلًا- اختبار (تحقيق الذات) علميًا.
- اعتمد بحث (ماسلو) حول تحقيق الذات على عدد محدود من الأفراد.
وختم (د. عادل) حديثه قائلًا:
«على الرغم من تلك الانتقادات التي وُجِّهت لنظرية هرم الاحتياجات النفسية (أبراهام ماسلو)، لا يمكننا أن نغفل تأثيرها الإيجابي في كثير من المجالات مثل التعليم وعالم الأعمال، وكيف ساعدت كثيرين على التطور وتحقيق الذات.»